شتاء جازان.. التراث منتجاً سياحياً.
تتواصل نجاحات مهرجان موسم شتاء جازان في كل عام، حيث يحرص صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان، على متابعة سير العمل وتفاصيل فعاليات المهرجان الذي يضيف في كل موسم العديد من الفعاليات الجاذبة والعروض والأنشطة والبرامج التي يشارك فيها العديد من أبناء وبنات المنطقة التي تمتاز بجو رائع ومناطق جذب سياحية خلال فصل الشتاء. ومهرجان شتاء جازان هو مهرجان سياحي يقام بمنطقة جازان جنوب غربي السعودية وذلك في فصل الشتاء من كل عام، أي في مطلع كل سنة ميلادية، وينظمه مجلس التنمية السياحية بمنطقة جازان بالتعاون مع وزارة السياحة، ويشتمل على العديد من البرامج والأنشطة والفعاليات والعروض المسرحية، ويستمر المهرجان لمدة شهر كامل وجرى زيادة مدته في الموسم الماضي إلى شهرين، حيث يهدف إلى إبراز تراث المنطقة الشعبي وتقديمه كمنتج سياحي من خلال العديد من الأماكن السياحية والتراثية مثل قرية جازان التراثية الواقعة على كورنيش جازان الجنوبي التي أصبحت أحد معالم المنطقة البارزة. وتجري اللجنة التنفيذية لمهرجان شتاء جازان اجتماعًا تحضيريًا لمناقشة فعاليات مهرجان شتاء جازان في أواخر كل سنة ميلادية، بمتابعة وتوجيه من سمو أمير منطقة جازان. وفي 25 من شهر أكتوبر الماضي، رأس صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز، نائب أمير منطقة جازان، اجتماع اللجنة التنفيذية لمهرجان شتاء جازان 2024م، بحضور وكيل الإمارة الدكتور عبدالله بن محمد الصقر وأمين المنطقة المشرف العام على المهرجان المهندس يحيى غزواني وأعضاء اللجنة. وأكد سموه في مستهل الاجتماع أهمية المهرجان في التعريف بما تشهده المنطقة من نهضة تنموية واقتصادية وسياحية بارزة بدعم لا محدود من القيادة الرشيدة، لما تزخر به من مقومات سياحية وتنوع بيئي ومناخي يمثل ميزًا نسبية جاذبة للاستثمار في كافة المجالات. ووجه بضرورة تضافر الجهود بين جميع الجهات ذات العلاقة للوصول بنسخة المهرجان لهذا العام لأفضل النتائج، من خلال البرامج والفعاليات المقامة خلال المهرجان، والتي تستهدف شرائح المجتمع كافة وتلبي احتياجات السياح وزوار المنطقة. وجرى خلال الاجتماع استعراض البرامج والفعاليات المزمع تنفيذها بمدينة جيزان وجميع محافظات المنطقة، والاطلاع على استعدادات اللجان الفرعية بالمحافظات وتحضيراتها للمهرجان الذي سينطلق مطلع شهر يناير القادم 2024م. وتقام الفعاليات في مناطق مختلفة ومتنوعة مثل الواجهة البحرية بشقيها الكورنيش الشمالي والجنوبي والشاطئ الرملي، ومنطقة وسط البلد، والقلعة الدوسرية، والمدينة الجامعية، ووادي لجب، وجزر فرسان، ومحافظة بيش، ومركز الشقيق وغيرها من المحافظات والمراكز التابعة لجازان. مقومات سياحية فريدة لطبيعتها الساحرة وتنوعها من شواطئ جميلة، وجزر بكر، وجبال خضراء، ووديان خلابة، ومناخ دافئ، تميزت منطقة جازان لتكون واجهة سياحية شتوية على مستوى المملكة، بجانب مهرجاناتها الشتوية وأسواقها الشعبية. وتشهد المنطقة حاليًا، نشاطًا سياحيًا متزايدًا حيث الأجواء الدافئة والمتميزة مع اعتدال في درجات الحرارة، مما يدفع أهالي المنطقة من المواطنين والمقيمين والزوار إلى ارتياد شواطئ المنطقة والمواقع السياحية المتميزة بها، مما زاد في ارتفاع الاستثمار في المنطقة، خصوصًا في الجانب السياحي والترفيهي. وخطت إمارة منطقة جازان والجهات الحكومية والقطاع الخاص خطوات واسعة في تأصيل صناعة السياحة، بهدف الوصول لسياحة مستدامة، ولتكون معززًا لبدائل اقتصاديات ما بعد النفط وفقًا لرؤية المملكة 2030، وذلك من خلال استثمار إمكاناتها ومواردها الطبيعية ومواقعها السياحية الجاذبة ومرافقها المتطورة، وقدراتها البشرية الوطنية المؤهلة، حيث استثمرت المنطقة في تنظيم المهرجانات السياحية التي نجحت في الترويج لمنطقة جازان كمركز ووجهة سياحية مهمة ومتميزة على المستوى المحلي والإقليمي وبخاصة خلال فصل الشتاء. ويُعد شهر “يناير” ذروة الموسم السياحي بالمنطقة، حيث اعتدال أجوائها وانطلاق موسم المهرجانات السياحية والترفيهية المتميزة سواء في مدينة جيزان أو محافظات المنطقة. وتحظى جزيرة “فرسان” باهتمام كبير وإقبال من الزائرين للمنطقة لما تمثله من موقع سياحي بارز بالمنطقة، حيث الشواطئ والرمال الفيروزية الجذابة والجزر المتقاربة البكر التي تُعد متنزهًا بحريًا رائعًا، إلى جانب الوديان والشعاب والمحميات الطبيعية التي تتكاثر بها أسراب الغزلان فضلًا عن المواقع الأثرية المتميزة بالجزيرة. وعلى الساحل البحري الممتد من مركز الشقيق في الشمال إلى مركز الموسم في الجنوب بما يقارب 250 كيلو مترًا، تجد الأهالي والمتنزهين يستمتعون بالرمال البيضاء والشعب المرجانية وبوفرة الصيد لأنواع الأسماك المختلفة، في ظل ما تشهده المواقع والمتنزهات البحرية من توفر للخدمات التي يحتاجها المرتادون على مدار العام. فيما تمثل المرتفعات الجبلية مقصدًا سياحيًا متفردًا بطبيعتها الخلابة، ومناخها المعتدل، وأمطارها المستمرة، ومدرجاتها الزراعية، وغاباتها الطبيعية في جبال فيفا، والعارضة، وبني مالك، والعيدابي، والريث، وهروب، وآل تليد، وآل علي، وآل خالد، والحشر، والجبل الأسود، وقيس، والعبادل، إلى جانب العديد من الجبال التي تشكل مواقع سياحية تمتاز بشلالاتها وأوديتها وعيونها الحارة التي ثبت علميًا فائدتها الصحية والعلاجية، إضافة إلى ما تشتهر به تلك المرتفعات من زراعة للبن والموز والنباتات العطرية. نجاح كبير لمهرجان شتاء جازان يبرز مهرجان جازان الشتوي منذ انطلاقته مطلع العام 2008م، في التعريف بإمكانات منطقة جازان الطبيعية والسياحية، مما عزز مكانتها كوجهة للباحثين عن الدفء في شتاء المملكة، مما جعل المهرجان خلال السنوات الماضية شاهدًا على نمو النشاط السياحي بالمنطقة من خلال استقطاب آلاف الزوار. ويهدف المهرجان إلى استثمار الإمكانات السياحية والمقومات الطبيعية والثقافية والتراثية المتنوعة للمنطقة كافة، التي تمثل واجهة سياحية مهمة في فصل الربيع، كما سيكون في المهرجان مواقع للتسوق، وأماكن مخصصة للأسر المنتجة، وأصحاب الحرف اليدوية، إضافة إلى عدد من الفعاليات الثقافية والرياضية، والعروض المسرحية، والبرامج الموجهة للأسرة والطفل، وسيقام المهرجان بالقرية التراثية والكورنيش الشمالي والجنوبي، مع فعاليات متعددة في عدد من المواقع بمدينة جازان ومحافظات ومراكز المنطقة. وتبرز القرية التراثية كأحد أبرز الوجهات التي يفضلها السياح وزوار المنطقة خلال مهرجان شتاء جازان، حيث تظهر للأجيال الجديدة البيئة التي ميّزت المدينة قديمًا من خلال عرض العادات والتقاليد القديمة والتي كانت سائدة بها، وتقدم القرية رحلة عبر الزمن للزائر وذلك بمجرد دخوله إليها حيث يجد المعروضات والمقتنيات التي تبهره وتسر نظره. يرجع تاريخ تأسيس القرية التراثية بجازان إلى عام 1429هـ، حيث أسست بشكل مؤقت ضمن فعاليات مهرجان جازان الشتوي الأول، وحازت القرية في هذه الفترة على إعجاب الزوار بل إنها خطفت الأنظار إليها، وكانت هذه هي الشرارة الأولى والأمر الرئيس الذي شجع على إنشائها. وبنيت القرية التراثية على الكورنيش الجنوبي للمدينة وامتدت على مساحة تصل إلى 7 آلاف متر مربع، وتضم كل ما يتعلق بالتاريخ والماضي والحضارة وحتى الأفكار القديمة التي تجلّت في المقتنيات والمعروضات التراثية الموجودة بها. وأسست القرية التراثية في جازان حتى تكون مقرًا لإقامة الأنشطة والفعاليات التراثية المختلفة التي تجذب السياح إلى المدينة من خلال عرض تقاليد ونمط الحياة الشعبية في الفترات والعصور القديمة التي تشعر الزائر وكأنه في رحلة عبر الزمن، إذ تبدأ رحلة انبهاره من دخوله إلى القرية إذ يجد البيت الجبلي في استقباله طوابقه الثلاثة وبنائه الصلب القوي الذي يتلاءم مع البيئة الجبلية للمدينة، وهو من الأماكن المهمة والتي يجب زيارتها خلال التواجد في القرية لمشاهدة المقتنيات التي تعود إلى آلاف السنوات. وهناك أيضًا “البيت التهامي” الذي يبين بساطة الحياة التهامية ومدى الإبداع بها، وهو بناء على شكل مخروطي يصدر عنه أصوات الأواني المعلقة به، ويبرز كذلك “البيت الفرساني” وهو بناء يقع وسط البحر ويرتبط مع القرية التراثية بواسطة جسر، ويجسد هذا البناء البيئة والطبيعة البحرية في جزيرة فرسان من حيث وجوده وسط البحر واحتوائه على الأصداف النادرة وأدوات الصيد القديمة. وتعرض القرية عدد من البرامج الثقافية التي تعرض الموروث الفني القديم مثل الفنون الشعبية والألوان الفلكلورية، مع وجود برامج خاصة بالأطفال والأجيال الناشئة. وتدعم القرية التراثية التجارة في السوق الشعبي القديم من خلال عرض منتجات الأسر المنتجة وعرض المقتنيات الأثرية والتراثية والأواني التقليدية والأدوات القديمة التي كانت تستخدم سواء في الزراعة أو الصيد. آلاف الزوار لمهرجان جازان 23 استقطبت النسخة الأخيرة من مهرجان “شتاء جازان 23” الذي كان تحت شعار “أجمل وأدفأ”، آلاف الزوار من داخل المنطقة وخارجها منذ انطلاقه، حيث استمتعوا بما قدمه من فعاليات وبرامج وأنشطة تستهوي اهتمام مختلف شرائح المجتمع. ولاقت فعاليات المهرجان مطلع العام الحالي 2023، تفاعلًا مثاليًا من قبل الأسر والعوائل الذين حرصوا على الحضور والتفاعل مع ما يشهده المهرجان من تنوع سياحي على مستوى المنطقة. ورسمت فعاليات مهرجان شتاء جازان التي استمرت لمدة شهرين، الفرحة على محيا الزوار، بسبب كثرة وتنوع الفعاليات الترفيهية والثقافية والشعبية، كما تضمن المهرجان معرضًا للكتاب، ومعرض “فنن”، وفعاليات لذوي الإعاقة، وليالي المحافظات، والملتقى التاريخي، وملتقى منار الإعلامي، بالإضافة إلى البرامج الثقافية والشعبية والفنية بالقلعة الدوسرية والشارع الثقافي، وكذلك لتنوع المسابقات الرياضية مثل الكرة الشاطئية، وكرة القدم النسائية، ودوري المحافظات لكرة القدم، ودوري الشطرنج، وبطولة الضومنة، ورياضة الهايكنج، إلى جانب فعاليات وسط البلد. وأبرز مهرجان شتاء جازان في نسخته الأخيرة المواهب المميزة للشباب من خلال مشاركتهم في الوصلات الفنية، والفنون الشعبية، ومعرض الحرف والصناعات اليدوية، ومعرض الفنون التشكيلية، ومعرض القهوة، والخط العربي، والسباقات الرياضية. وأوضح المتحدث الرسمي للمهرجان محمد عبيري، أن المهرجان يحفل بأنشطة متنوعة تسعى لتلبية كافة التطلعات، حيث فتحت مجالًا واسعًا لمشاركة الشباب من خلال ثلاث مسارات للهايكنج في كل من وادي لجب وجزيرة فرسان ومحافظة بيش، وسباق الجري الذي شهد مشاركة 270 متسابقًا، وكذلك سباق الدراجات الهوائية الذي سيتم تنظيمه لاحقًا، إلى جانب منافسات كرة القدم والطائرة الشاطئية التي يتنافس بها أكثر من 500 رياضي. وأضاف أن المهرجان أتاح أمام فئات المجتمع المشاركة في البرامج الثقافية من خلال معرض “فنن” المتخصص والذي يضم أقسامًا في الفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي والنحت والرسم الحر والخط العربي، بمشاركة 90 فنانًا، وشهد توافد العديد من محبي الفن يوميًا بمقر المعرض بمركز الأمير سلطان الحضاري، مشيرًا كذلك إلى المعارض الفنية وورش الرسم الحر التي تشهدها القرية التراثية وتحظى باهتمامات الزوار ومشاركتهم الفاعلة. وأشار المتحدث الرسمي لمهرجان شتاء جازان إلى أن فعالية “مستكة” سعت لتحسين البيئة المحلية والمشهد الحضري بوسط البلد بمدينة جازان، حيث شارك 50 فنانًا وفنانة من التشكيليين بجازان في تزيين ما يزيد على 600 متر مربع من الواجهات بلوحات فنية حولت قلب مدينة جيزان القديم إلى متعة بصرية، إلى جانب تقديم ألوان الفنون والرقصات الشعبية التي ارتبطت بحياة الناس في المنطقة. ويسعى المهرجان لتعزيز مكانة منطقة جازان كواحدة من الوجهات السياحية البارزة على المستوى المحلي والإقليمي، ويطمح المنظمون لجعله مهرجانًا عالميًا يستقطب السياح من مختلف أنحاء المعمورة عبر إضافة المزيد من الفعاليات الجاذبة.