أداؤكم المبهر “ شهادة لكم وعليكم “
الأداء المبهر غير المستغرب لوزارة الصحة وكافة الوزارات الخدمية في موسم الحج كل عام يثير الإعجاب في نفوس كل من أتيح له أداء الفريضة من ضيوف الرحمن من شتى بقاع العالم، ولكنه يثير في نفوسنا نحن السعوديون الفخر والاعتزاز بهذه المستويات العالية من الخدمات المتنوعة بمستوييها الكمي والنوعي التي تقدمها وزارتنا بكل اقتدار، ونشعر بالفخر والاعتزاز ونحن نشاهد الحركة الدؤوبة والاستجابة الفورية في تلبية الاحتياجات الطبية والصحية الطارئة لضيوف الرحمن من العاملين في كل القطاعات الصحية بهمة ونشاط وتفانٍ ونرى معالي وزير الصحة يشرف متابعاً بنفسه كل صغيرة وكبيرة متنقلاً من مكان إلى مكان بين مختلف المواقع عاكساً صورة كأجمل ما تكون عن مؤسسات الدولة لكل ضيوف الرحمن الذين أتوا من كل بقاع العالم، والذين يتابعون وقائع المناسك في مختلف وسائل الاعلام العربية والعالمية، لذا من حقنا أن نفخر بالوزارة وبكل العاملين بالوزارات الأخرى المشاركة بفعالية في خدمة حجاج بيت الله الحرام، كما من حقهم علينا أن نشيد بهم ونشد على أيديهم ونشكرهم على ما قدموا فهذا حق لهم وواجب علينا. ولكن أثارت هذه الصورة الرائعة وهذا التفاني والجد والإخلاص، إلى جانب دهشتي واعجابي وافتخاري سؤالاً محيراً: طالما ان الوزارات الخدمية قادرة على فعل هذا الذي يشابه الإعجاز في موسم الحج فلماذا لا تقدمه طيلة العام إذن؟ فالإمكانيات والموارد المالية والبشرية والآليات كما رأينا متوفرة، هل نحن موسميون إلى هذه الدرجة..؟. لا أدري هل نحن نريد أن نظهر أمام الآخر بما يبهره منا من عطاء، وهذه شيمة ليست سيئة في حد ذاتها ، ولكنها تكون كذلك إذا كان عطاؤنا داخل البيت أقل من ذلك بكثير ، وقد علمنا نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) بأن خيرنا هو خيرنا لأهله. ولكن هناك جانباً أهم في هذه المسألة، وهو مفهوم الجودة في ثقافتنا، فهي في المحصلة الأخيرة نتيجة، فأنت تضع خططاً وبرامج ومنهجاً عملياً تسير عليه العملية المعينة بشكل مستمر وآلي، وتكون الجودة هي نتيجة هذه الطريقة، فالجودة لا ترتبط بموسم معين أو مكان ما أو زمان ما ، ثم تختفي وتحل محلها اللاجودة والفوضى والعشوائية بعد ذلك. فلو حافظت الصحة وكل المؤسسات على العمل بقية العام على نفس وتيرة إيقاع عملها في موسم الحج فإن جودة أدائها ستستقر على هذا المستوى ولن تستمر شكاوى المواطنين من سوء الخدمات الصحية، رغم الامكانيات الهائلة التي توفرها الدولة لتقبلها إدارات الإعلام والعلاقات العامة بدفوعات لن تقنع أحداً ، بعد أن شاهدوا بأعينهم ما تستطيع مؤسسات الدولة أن تفعله في موسم الحج، وتستمر الحلقة الدائرية هكذا إلى ما لا نهاية. ويا وزارتنا الخدمية -الصحة وكل المؤسسات- أنتم قادرون على ما هو أكثر مما تقدمون، وموسم الحج شهادة لكم وعليكم بذات الوقت، فافعلوا، بارك الله فيكم.