ملامِحُ التّعافي

مضى وقتٌ طويلٌ على تواتر الأحداث غير المفهمومة في حياتِك، كأنّك في دوّامة لا سبيل للخروج منها، تستيقظ يوميًا وأنتَ على أمل بأنّه اليوم المُنتظر لنصرك وتعافيك، على أمل بأن تنجو ولا تنجو! من الجدير بالذكر أنكَ تُدرك في قرارة نفسك أنّكَ اخترتَ أنْ تدخل في تلك الدوّامة بملءِ إرادتك! وأنّ الخروج منها قدْ يكون بمثابة سلّ الشعرة من العجين، بينما أنّكَ فضّلتَ ألّا تخرج! كُنتَ بحاجة لأنْ تُعمّق التجربة وتعيش الألم بتفاصيله، كُنتَ بحاجة لأن تمرّ تلك المشاعر من خلالك، في حين أنّها علقتْ بك! ورُبّما اخترتَ التوغّل في الألم كتعبيرٍ لا إرادي عن فرط المواقف المؤذية التي تعرضتَ لها، وكأنّك تعاقب نفسَك بنفسِك! تعيشُ مُنغلقًا على ذاتك بوهمِ العجز، في حين أنّ مفتاح المقدِرة قدْ يكون داخل درجٌ من أدراج غرفتك، لكنّك لم تبحث عنه، ورضيتَ أن ترضخ لوهمِ العجز! تطرح على ذاتك أسئلة كلّ يوم باحثًا عن إجابات غير موجودة، وفي حال أنّكَ وجدتها لنْ تقبلها، بل ستحوّرها حتى تصبح مطابقة تمامًا للصورة التي أردتَ أن تراها! تحاول أن تتقدم؛ كي تنسف تلك المرحلة بأكملها، ولا تستطيع! إلى أن تصبح الدُنيا بعينك رمادية، ولا تعُد لتشعر بمعاني الأضداد، سعادة وحزن، نور وظلام، نجاح وفشل، تُصبح كلها لديكَ سواء! وتلكَ نهاية المرحلة. كلّ ماسبق يشرح مرحلة ماقبل التعافي، وهي المرحلة التي تعصِف بكَ قبل انتقالك لمرحلة التعافي. وبعدَ تلك المرحلة التي أطاحت بأفكارٍ، وأسهمت ببناء أفكار جديدة، ستبدأ بالرغبة في تجسيد شخصيتك بنسختها الحديثة، ستُحب أنْ تُجرّب لعلّك هذه المرة تنجو بما لديك، ومن هُنا تبدأ ملامح التعافي بالظهور، ستستعيد رغبتك بالاستمتاع بتفاصيل الحياة تدريجيًا، ستميل للإبداع والابتكار، سيتجلّى الشغف في عينيك، ستلجأ للتواصل مع الناس، ستحُب نفسك بشكلٍ آخر، ستتحدث عما كان يؤلمك سابقًا بنبرةٍ واضحة وكأنه انتصارًا وليسَ ألمًا، وستنخرط مع العالم من جديد حتى تنسى ما أصابك يومًا! ستقف يومًا أمام المرآة بعد ماحدث، وترى نفسك بملامحٍ بهيّة، ستُدرك وقتئذٍ امتداد أثر ملامح التعافي من حياتك لتبلُغ وجهك، وما أجمل أن تبلُغ ملامح التعافي وجهك!