عفو القادرين

في خطوة تجسد التكافل والتكاتف السنوي المعهود بين القيادة والمواطنين وجّه خادم الحرمين الشريفين بإطلاق سراح المحكومين في قضايا الحق العام كعفو أبوي حاني منه حفظه الله. وبدوره وجّه صاحب السمو الملكي وزير الداخلية الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف لكافة مديريات السجون في المناطق بسرعة إنفاذ التوجيه الملكي الكريم؛ وذلك ليتسنى للفئة المشمولة بالعفو قضاء أول أيام رمضان المبارك بين أهاليهم وذويهم. قرار العفو عن سجناء الحق العام يأتي واعياً بقيمة التسامح والصفح في التأثير على نفسيات النزلاء في السجون أو مرتكبي مخالفات الحق العام، كما إنه يتكئ على عنصر الخير الموجود في أعماق الإنسان مهما كان مذنباً أو مخالفاً. وبالتالي يعمل على تعزيز توبته وتغيير نمط حياته بشكل راسخ ومستدام، وبطريقة إيجابية أفضل بكثير مما لو تم الاكتفاء فقط بالعقوبة كرادع. السجون في المملكة إصلاح وتهذيب وإعادة تهيئة للعودة للمجتمع من جديد والاندماج فيه، وكلنا قد رأينا ما نقلته لنا وسائل الإعلام من واقع للسجون في بلدان عديدة، مما يجعلنا نقول إن السجون في المملكة «جنة» مقارنة بسجون العديد من البلدان. وأوضح تلك «المزايا» في السجون السعودية أن السجين يحصل على مبلغ مالي بسيط في كل شهر كمساعدة له في قضاء بعض حوائجه. فضلاً عن جودة الطعام المقدم، ومرافق الإيواء، والحالة الأمنية الحازمة التي تفرض النظام والانضباط داخل السجون وتمنع حالات الاعتداء بين السجناء. من التصورات الدارجة والمغلوطة حين النظر إلى السجناء وإلى معنى السجن أنه مكان «للمجرمين فقط» وهذا غير صحيح، فمن هم بداخل السجن ليسوا على نمط واحد في الجُرم وإن جمعهم المكان. كما إن الإنسان قد يكون مخطئاً بلا قصد أو قد تنزل عليه التهمة كما لو أنها قدر. ولذا فقد يستغرب بعض من هم خارج السجن من أن النزلاء داخل تلك السجون يقيمون الصلاة ويتواصون بالخير فيما بينهم ولا يختلفون بشيء عمن هم خارج أسوار السجن. وهذا ما يجعل السجون السعودية مكاناً مثالياً بجدارة لإعادة تهيئة هؤلاء ودمجهم في المجتمع من جديد.