فرعون الثاني.

كان رأس فرعون الثاني مملوءاً بالغطرسة والغرور وشيئاً من جنون العظمة عندما قالوا له قولاً ليناً ولكنه بعين الخبير المالي رأى فرصةالكسب بلا رأس مال في مخزونات الغاز التي هزمت ضميره ومشاعره الانسانية ، وغاب عقله أمام بريق الذهب المتوقع إضافته إلى أرصدته ومدخراته وخزائنه ويبدو أنه دخل مع قارون في منافسة مفتوحة. فرعون الثاني شخصيته محيرة ولكن لايمكن وصفه بالغباء ويتميز بالوضوح التام والعناد والوقاحةوفي نظره أن التراجع عن أقواله أو مواقفه جزء من فنون التفاوض ، وقد يوهمك باتخاذه خطوة في الإتجاه الخاطيء ويتقدم فعلياً ثم يتراجع. فرعون الثاني في أيامه الأولى وفي موقعه الجديد فتح فمه في الصباح ، فانطلقت الكلمات مثل طلقات المدفع الرشاش السريعة جداً ذات الفرقعة الصوتية العالية التي عم ضجيجها العالم بأسره، وهو يفتح عيناً ويغمض الأخرى ولا يأبه بردات الفعل والتحليلات لما قال والتوقعات لما سيفعل . فرعون الثاني لا يُعرف مدى إلتزامه الديني لكنه يسجد للذهب ويركع للدولار وينطلق كالصاروخ بإضعاف سرعة الصوت نحو المصلحة ولايهمه قانونية وشرعية حصوله على المصلحة المستهدفة ولا يمانع في إغتصابها . وهو ينظر للصفقات بعيون ذئب ويشتري بمكر ثعلب ويكره الضرائب ويتهرب منها كما يقال ويشاع وكما دُوّن في الإدعاءات أمام المحاكم. هذا الفرعون أَمدَّ أعداء الله بعدة حبال منها حبال للقيود وحبال للخنق وحبال للقتل، فصنعوا جبالاً من الجماجم وأنهاراً من الدماء وهم في أمان من المحاسبة وفي أمان حتى من الإدانة اللفظية. ليس في الأمر جنون ولا غياب عقل فمستشارهم وحليفهم ليس من كبار الأبالسة بل يُتوقع أن يكون إبليس الكبير شخصياً وإبليس هو من يرسم لهم السياسات والاستراتيجيات ويضع لهم خارطة طريق لايحيدون عنها. ملأ الدمار عيونهم وملأت أسماعهم أصوات المتفجرات والأنين والبكاء ودخلوا عملياً في مرحلة إدارة مابعد هزيمتنا الجديدة المتوقعة والمخطط لها مسبقاً باستدراج المتحمسين والمستعجلين قبل نضج الظروف الموضوعية ، لكن هل حقاً تمت الهزيمة وتحققت؟ الأثمان والنتائج والانعكاسات والآثار قصيرة وطويلة المدى لايراها فرعون الثاني ويعتقد أنه حقق لوكلائه النصر بأم القنابل و والد الصواريخ في حين أن المشروع أصيب إصابة حرجة فلصوص الأرض ومنفذوا المشروع فقدوا الشعور بالأمان وأحسوا باللاجدوى لأن أصحاب الأرض متمسكون بأرضهم وهويتهم ويتحملون الخسائر وفي مقدمتها خسائر الأرواح . والحرب وإن توقفت لفترة ستعود ولازال لصوص الأرض يحتفظون بجنسياتهم وجوازاتهم الأصلية وبعضهم يفكر في الهجرة المعاكسة وبعضهم هاجروا فعلاً إلى غير رجعة.