العسعوس في ليلة تكريمه:

غير راضِ عن تجربتي الشعرية ولكن يبدو أن لجمهور الشعر رأياً آخر .

قال الشاعر حمد العسعوس “أنني في قرارة نفسي غير راضِ عن تجربتي الشعرية، وأرى أنها تجربة متخبطة وغير ناضجة..، ولكن يبدو أن لجمهور الشعر وعشاقه ومتذوقيه رأيا َآخر مخالفاَ لما أعرفه عن نفسي..! وأضاف أنا من مؤيدي التكريم لمن يستحقه في أي مجال من مجالات الإبداع.. لكنني لم أكن أتصور حجم الأثر الإيجابي للتكريم على المكرمين وذكر الشاعر سعد الغريبي عن العسعوس أنه واقعي إلا شيئًا واحدًا لم يكن واقعيًا فيه، ولا يصدقه أحد حين يصرح به. أتدرون ما هو؟ إنه إعلان اعتزاله الشعر جاء ذالك في الأمسية التي أقامها مجلس أوراف الأدبي لتكريم الشاعر حمد العسعوس في أيام الاحتفال بيوم التأسيس للوطن، وكانت ليلة احتفل في الشعراء تغنوا فيها بقصائد عن الوطن واحتفوا بشاعر طالما كتب وأنشد قصائده في حبه له بدأ الحفل بكلمة لصاحب مجلس أوراف المجلس أ.دفواز اللعبون قال فيها “ليلةٌ زهراءُ بوجوهِكم الزُّهْر، وبيضاءُ بغُرَرِكم البِيض.. ليلة معدودة من ليالي العمر يجتمع فيها أهل الأدب والنقد والفكر من أنحاء وطننا الحبيب حاملين أشواقهم إلى محاضن اللقاء، وجنائن المحبة. أحيّيهم جميعاً حاضراً حاضراً، وأحيّي من نوى الحضور وحالت بيننا وبينه الحوائل، وأحيّي من حَفّنا بجلال حضوره عبر الأثير، وظل في منتدانا حاضر الروح والأثر. في هذه الليلة الباردة نستدفئ بما في قلوبنا من أشواق: الناسُ توقدُ في بَرْدِ الدجَى حطباً وإن قسا البردُ بي أوقدتُ أشواقي وقلتُ للناسِ: هذي النارُ فاقتبِسوا إني أنا العاشقُ الأوفَى لعُشاقي” وأضاف “ليلة نستدفئ فيها بمحبة الوطن في يوم تأسيسه، ونحتفي فيها بشاعر بحر مطبوع له تاريخ عريق في الشعر، وريادة يشيد بها النقاد والدارسون. وشاعرنا المكرم الذي كَرَّمْنا أنفسنا بتكريمه، وكرمنا هو بقبوله التكريم، هو حمد بن أحمد بن حمد العسعوس، المولود في مدينة حَرْمَة بإقليم سُدَيْر عام 1375هـ، وهو حاصل على شهادة بكالوريوس الشريعة عام 1395هـ،. صدرت له ست مجموعات شعرية وكتاب بعنوان (عشرون ربيعا في ظلال الفهد) بمناسبة الاحتفال بمرور عشرين عاما على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود يرحمه الله. وله مخطوط متنوع وافر ينتظر الطبع وذكر أُعِدَّتْ عن شعره رسالة ماجستير بعنوان: (شعر حمد العسعوس: دراسة أسلوبية) للباحثة: أمل بنت عبد الله العزيب. وختم بقوله “بعد فلن أستأثر بالحديث بين معسولي الأحاديث، وها هو بينكم شاعرُنا الكبير، وسراجُنا المنير، فخذوه بالجُملة، وأنصتوا لما يقوله ويقال عنه جُمْلة جُمْلة.” بعدها انتقلت الكلمة للشاعر المكرم/حمد العسعوس قال فيها “يشهد الله أنني أشعر بالحرج وأنا أقف أمامكم بصفتي الشاعر المكرم، فلم أكن أنتظر ولم أتوقع يوماَ أن أقف هذا الموقف..؛ لأنني في قرارة نفسي غير راضِ عن تجربتي الشعرية، وأرى أنها تجربة متخبطة وغير ناضجة..، ولكن يبدو أن لجمهور الشعر وعشاقه ومتذوقيه رأيا َآخر مخالفاَ لما أعرفه عن نفسي..! أنا من مؤيدي التكريم لمن يستحقه في أي مجال من مجالات الإبداع.. لكنني لم أكن أتصور حجم الأثر الإيجابي للتكريم على المكرمين إلا بعد أن فاجأني د. فواز بالاتصال، وزف لي خبر ترشيحي للتكريم في هذا المنتدى الذي يزهو بالشعراء ويزهر بالشعر وعشاقه..، فقد أشعرني ذلك الاتصال بقيمتي وبمكانتي أمام نفسي وأمام الآخرين. وتابع “ من عادة معظم الشعراء في كل عصر ومصر وجيل، لألم أقل من عادتهم كلهم، أنهم يدخلون في حلبة المنافسة غير الشريفة التي قد تدفع بعضهم إلى عتبات العداء والتهاجي فيما بينهم. قد تكون هذه الحالة العدائية ظاهرة للعلن كما في حالة جرير والفرزدق والأخطل، وقد تكون مضمرة.” ويتابع “هذا هو الوضع السائد والمعتاد تاريخياَ، أمٌا أن يُبادر شاعر بدعوة شاعر آخر من شعراء عصره ومجايليه للحفاوة به وتكريمه وفي عُقر داره. فهذه مكرمة لم يفز بها، ولم ينفرد بحيازتها، حسب علمي، سوى شاعرِ واحد من شعراء الدولة السعودية الثالثة. ألا وهو صاحب هذه الدارة وصاحب هذا المنتدى الأدبي النابض حين فاجأ مجايلَه المُختفي الشاعر حمد العسعوس بدعوة عاجلة لتكريمه في مناسبة الاحتفال بيوم التأسيس..!”, وأضاف - أمٌا عن ملحمة الكفاح المسلح التي جرت لتأسيس الدولة السعودية الأولى لهذا الكيان العظيم الذي بُني على جماجم الرجال الأبطال من آل سعود وأعوانهم وأتباعهم بقيادة البطل المؤسس الأمير محمد بن سعود وأبنائه وأحفاده، ثم توحد بمعجرة فوق الرمال بقيادة البطل الموحد الملك عبد العزيز وجهود أبنائه وأعوانه، وانضوت تحت لوائه مختلف الإمارات والقبائل المتناحرة في شبه الجزيرة العربية.. حتى أصبح وطناَ شامخاَ راسخ القواعد، ثابت الأركان، شامخ البُنيان، عامراَ بالأمن والأمان، زاخراََ بالخيرات التي ترد إليه من كل مكان..، فأقول : لا الحبرُ يكفي ولا الأشعارُ والخُطَبُ ولا الرواياتُ .. والإعلامُ .. والكُتبُ لوصفِ ملحمة التأسيس، ليس لنا من الوسائل..، ما تحتاجه الحُقُبُ (محمدُ بنُ سُعُودِ .. من إمارتهِ في ربوةِ صلبةِ دانتْ له العربُ..! بعدها ألقى د. عبد الرحمن العتل ورقة عن الوطن في شعر العسعوس قال فيها “لأن هذه الليلة ليلة احتفاء وفرح وفخر بالتأسيس لهذه المملكة المباركة زادها الله ازدهارا ورفعة وتقدما وحفظا فإني اخترت أن يكون عنوانها “ الوطن في شعر الشاعر حمد العسعوس”. وشاعرنا حمد بن أحمد العسعوس خص الوطن بديوان عنوانه “ وطن من ذهب” صدر عام 1424هـ / 2003م بالإضافة إلى قصائد وطنية أخرى في دواوينه الثانية. وأضاف “لقارئ لشعر الشاعر حمد العسعوس الوطني يلحظ الحب الكبير الذي يحمله لوطنه حتى في غربته يبث شوقه وحنينه لأرضه، ويبدو هذا الحب منذ عتبة النص من خلال “ العنوان” فنجد العناوين الموحية مثل:” الحبيبة” و “ قبلتي وقبيلتي” و” البشارة” و “ وطن من ذهب” و” أجزاء من القلب على تراب الوطن، وقد تنوعت موضوعات شعره الوطني بين مدح قادة الوطن ورثاؤهم: وتابع “كان توحد المملكة على يد الملك عبدالعزيز يرحمه الله معجزة عظيمة استطاع أن يجمع الناس بها بعد الشتات والفرقة ويبسط الأمن بفضل الله بعد الخوف ويحل رغد العيش بعد الجوع فكان بطلا دبجت فيه القصائد تروي بطولاته وفتوحاته وعدله. وقد أدرك الشاعر حمد العسعوس هذه القصة الملهمة فرواها بقصيدة يصور فيها نعمة الوحدة وحال الناس قبلها كيف كانوا يتقاتلون منقسمين يعصف بهم الجوع والمرض والفقر فكان فتح الرياض بوابة خير لهذا الوطن يقول في قصيدته “ قصة الأمجاد”: كنا بلا وطن كنا بلا زمن كنا بلا ثمن في أرضنا شذرا كنا حطاما لفأس الجهل يقسمنا إلى شراذمة تستوطن الحفرا وحين يفوز الملك سلمان يحفظه الله بجائزة رجل الخير في الخليج يبتهج الشاعر حمد العسعوس مبرزا مكانة الملك سلمان وكرمه وعطاءه ودوره في نشر الخير ودعمه وتسهيل سبله للمحتاجين وقال “وقد قضى الشاعر حمد العسعوس بعضا من سنواته في الغربة خارج الوطن فحن لوطنه وبثه لواعجه وأشواقه وثارت ذكرياته فراح يصف مواجعه وملله وتعبه وحزنه في غربته في بريطانيا، وحنينه لترابه وسمائه وربيعه”. و ختم ورقته “هكذا بدا الشاعر حمد العسعوس عاشقا للوطن محباً له يثني على قادته ويبرز مكانتهم وشمائلهم ويتغنى بوحدة الوطن التي تشكلت على يدي البطل الملك عبدالعزيز يرحمه الله وما كان لها من أثر في بسط الأمن والرخاء والألفة بين الشعب كله، وعلى أبنائه البررة من بعده وما حققوه من أمجاد ومفاخر تسجل في التاريخ، ولا ينسى المنجزات التي تحققت في هذه البلاد المباركة والتقدم الذي لفت نظر العالم إليها”. الورقة الثانية كانت للشاعر والأديب سعد عبد الله الغريبي قال فيها “عرفت الشاعر حمد العسعوس منذ ما يزيد عن أربعة عقود، وكتبت عنه أكثر من مرة. مرة في كتابي (لكل شاعر حكاية) الصادر سنة 2012 إذ خصصت له فصلا من الكتاب بعنوان: (حمد العسعوس: الشاعر الوديع) وقد اقتفيت أثر الأديب عبد الله بن إدريس رحمه الله - في نعته بـ (الشاعر الوديع)، عندما قدم لديوانه (دوائر للحزن والفرح). وكتبت عنه مقالة في مجلة اليمامة بتاريخ 04/02/2021 تحت عنوان: (الشاعر المتجدد) كما استشهدت بشيء من شعره في كتابي (الشيخوخة في الشعر العربي) الصادر سنة 2022 وفي مقال لي بعنوان (كيف تأتي القصيدة؟) في العدد السابع من نشرة (تناص) الصادرة في الشهر الماضي عن كرسي الأدب السعودي. وأضاف “حمد شاعر مجيد طرق ألوان الشعر كلها الفصيح والعامي والعمودي والحر، وهو ليس متحيزا للون شعري دون آخر فيعترف بانتماء كل الصيغ والألوان واللغات إلى الشعر، بل إنه ليدعو إلى المصالحة بين أشكال القصيدة إذ يقول في مقدمة ديوانه (ثلاث غيمات) ما نصه: “هذه المجموعة الشعرية دعوة للمصالحة بين أشكال القصيدة، فالغيمة الأولى تضم قصائد عمودية فصيحة، والغيمة الثانية تضم قصائد فصيحة من الشعر الحديث، والغيمة الثالثة تضم قصائد عامية من الشعر الشعبي.. ولو كنت قادرا على كتابة قصيدة النثر لأضفتها إلى هذه التشكيلة وسميتها أربع غيمات بدلا من ثلاث”.. وتابع “هو زاهد في الشهرة أيما زهد، بعيد عن الأضواء، لكن هذا الزهد والابتعاد لم يمنعاه من أن يكون شاعر مهرجان الجنادرية في الدورة السادسة والعشرين عام 2011 فألقى قصيدة المهرجان الوطنية أمام الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله” وأضاف هو واقعي في كل ما تقدم.. إلا شيئا واحدا لم يكن واقعيا فيه، ولا يصدقه أحد حين يصرح به. أتدرون ما هو؟ إنه إعلان اعتزاله الشعر!. حين أصدر ديوانه (رسائل الفصل الأخير) سنة 1430/2009 قصد من ذلك أن يكون آخر ما يكتب. وأسرّ لي مرة بأن الشعر قد هجره، فأوحت لي شكواه بقصيدتي (الساعة العاشقة) التي بدأتها بقولي: سألتُ القصــيدَ متى نلتقــي؟ فقال: لدى الساعة العاشقةْ ففي ساعة العشق ينهمرُ الــــــقصــــيدُ بلا نُـــذُرٍ ســـابقة فإن شارفَ الوقتُ يا سيدي تقــدمْ بخطواتــك الواثقــــة وغرِّد بما شــــئتَ من نَغَــمٍ روتْه مشــاعرُك الصــادقة تجدْنـــا نمــــدُّ إليـــــك يــدا وأخــرى بــها وردةٌ عابــقة نحيِّي بها شـــاعرا غَـــرِدا له في القصيد ذرى ســـامقة إلى أن قلت: فإن غاب عنك القصيد فلا يخالجْك شــكٌّ ولا ضــائقة ستأتي القصـائدُ مشــتاقــةً ســـتأتي إلى بابــكم طـارقة فمثلك يسعى إليه القصيــــــــد ســــعي متيمــــة وامقــــة ثم قدم مجموعة من الشعراء قصائد وطنية وكلمات احتفائية بالشاعر المكرم وهم حاتم الجديبا، سعد الرفاعي، شيبان العنزي، صالح العمري، عبد العزيز العجلان، عبد المحسن الخميس، فهد العبودي، محمدعابس، محمدالخليف يشار إلى أن القسم النسائي في مجلس أوراف الأدبي كرم الأديبة سارة الخزيم احتفاء بمسيرتها الأدبية والاجتماعية