عثمان شوقي «السوداني»

«ملح» الصحافة السعودية.

قدم من السودان إلى الرياض عام 1370 هـ- 1950 أو 1951 م- وهو في سن الثالثة والعشرين، ولم تمض خمس سنوات على إقامته فيها إلا وهو منتشر بمقالاته وإسهاماته الصحفية في معظم الصحف والمجلات السعودية. ولا تكاد توجد صحيفة أو مجلة سعودية بين عامي 1375 و1385 هـ- 1955 و1986 إلا وتجد له العديد من المقالات والتحقيقات فيها، فضلاً عن تحرير أبواب وصفحات متخصصة وإجراء مقابلات صحفية مع شخصيات سعودية أو عربية نشرت في عدد منها، وعلى وجه التحديد «اليمامة» و»الخليج العربي» و»عرفات» و»الخليج العربي». علاوة على ذلك- وهذه سابقة أو أسبقية- تولى مسؤوليات تحريرية في ثلاث من تلك الصحف بين عامي 1378 و1381 هـ، وربطته علاقات وثيقة بعدد من الشخصيات الثقافية في المملكة، وفي مقدمتهم حمد الجاسر وعبدالكريم الجهيمان وعمران العمران وسعد البواردي وعبدالله شباط وحسن عبدالحي قزاز... البداية مقال عن السوادنيين والتكارنة خلال دراسة مجلة وصحيفة «اليمامة» في عهد الشيخ حمد الجاسر بين عامي 1372 و1382 هـ، الموافق 1952 و1962 م، لفت انتباهي غزارة إسهام عثمان شوقي فيها، منذ أن بدأ يكتب فيها بانتظام عام 1374 هـ؛ بل إنه احتل المركز الثاني من حيث عدد المقالات المنشورة فيها، بعد الكاتب والأديب سعد البواردي، وسآتي على ذكر فترة عمله في «اليمامة» لاحقاً. غير أن ما أثار دهشتي هو ذلك المقال الذي نشرته له صحيفة «المدينة المنورة» في 19 رجب 1370 هـ، الموافق 26 أبريل 1951 م، أي بعد فترة وجيزة من قدومه إلى المملكة، وأبرزته في صدر صفحتها الأولى؛ والذي دل على أسلوب متمكن في الكتابة وحسن العرض ومستوى ثقافي واضح. في ذلك المقال الذي أتى بعنوان «السودانيون والسودان: كلمة لا بد منها» يعتب عثمان شوقي على السعوديين وصفهم للسودانيين بالتكارنة، جهلاً بحقائق لا يعرفونها عن السودان الذي قال بأنه مبتلى بالاحتلال البريطاني والمصري. وقد استهل ذلك المقال بالقول: «لفت نظري أن كثيراً من إخواننا أبناء هذه البلاد الكريمة ... يطلقون على إخوانهم أبناء السودان كلمة تكارنة، غير عارفين بحقيقة الجنسية السودانية، على الرغم من جيرة السودان القريبة جداً لهم حيث لا يفصل بين البلدين الشقيقين إلا هذا البحر الأحمر. فالسودانيون تربطهم بالبلاد السعودية صلة الدم واللغة والدين وبعض التقاليد والعادات الموروثة. فالتكارنة غير سودانيين. بل إنهم من شعب نيجيريا المجاورة لبلدي السودان من ناحية الغرب، وقد نزح بعضهم إلى السودان من أجل العيش، شأنهم في ذلك كشأن كثير غيرهم من أبناء البلاد الأخرى، وبعضهم وفد إليه من أجل الحج، حيث كان هو طريقهم إلى الأراضي المقدسة فتخلف بعض الوقت...» ثم يمضي في مقاله الطويل الذي أتت تكملته في الصفحة الرابعة من الصحيفة ليقول: «... ولي ملاحظة هي أن هذه البلاد التي أتشرف بالنزول بين أهلها الكرام وافتخر بالعمل معهم قد لاحظت في الأوراق الرسمية كرخص السواقين والإقامات للسودانيين أنه يذكر فيها كلمة (بريطاني) جنس أو صفة للسوداني ؟». وبقية المقال عرض مفصل لواقع السودان السياسي والاجتماعي. ذلك كان مقالاً يتيماً في الأعوام الثلاثة الأولى من إقامته في المملكة، وتبين أن عثمان شوقي كان يكتب في صحف السودان قبل قدومه إلى المملكة؛ إذ نشرت له مجلة «اليمامة»- الشهرية- في عددها المزدوج الثالث والرابع من السنة الثانية، في ربيع الأول وربيع الثاني 1374 هـ- نوفمبر وديسمبر 1955 م- مقالاً بعنوان «الصحافة العربية»، قال فيه إن الأستاذ خالد خليفة- وهو كاتب وقاصٌ سعودي معروف من أصل سوداني كان يعمل مترجماً آنذاك في الديوان الملكي- قد شجعه- أي شوقي- على العودة إلى ممارسة الكتابة بعد أن عمل في صحيفة «السودان الجديد» وصحيفة «الأمة» في الخرطوم؛ ثم أردف بأنه كتب هذا المقال بعد عودته من المطار- من العمل في بوفيه مطار الرياض-. وتطرق في مقال آخر عنوانه «نظرات في: وادي عبقر»- نُشِر في العدد 18 من صحيفة «اليمامة»، في 1/6/1375 هـ75، الموافق 14/1/1956 م- في معرض تعليقه على قصص لخالد خليفة بأنه- أي خالد خليفة- زميل صباه ودراسته وبداية عهد الكفاح. وخالد خليفة شخصية معروفة، عمل في ديوان الملك سعود وارتبط بعلاقات وثيقة مع رجالات المملكة ومثقفيها وانتقل للعمل في وزارة المعارف في ثمانينيات القرن الهجري الماضي، وقد كتب عنه عدد من الكتاب والباحثين ومنهم الأستاذان محمد القشعمي ومحمد الوعيل- رحمه الله-، ويستحق أن يفرد له مقال مستقل. وقد عرف بقصصه القصيرة ذات الطابع الساخر، وعلمت من الأستاذ عمران العمران بأن خالد خليفة كان يرتبط بعلاقة صداقة مع حمد الجاسر، وأنه كان يصطحب معه عثمان شوقي في زياراته لمقر الصحيفة في مطابع الرياض بحي المرقب، في النصف الثاني من سبعينيات القرن الهجري الماضي. وبالنسبة للصحافة في السودان فقد تطرق عبدالله عريف إلى ازدهارها في مطلع السبعينيات في عمود له بعنوان «يا صديقي القاريء» إذ يقول: «... فإن أشد ما يعجب له الناس في الخارج ألا يكون للمملكة العربية السعودية صحيفة يومية.. وفي الخرطوم- عاصمة شقيقتنا السودان- تسع صحف يومية... وفي المهجر بأمريكا... صحف عربية يومية مختلفة...!!» («البلاد السعودية»، العدد 992، في 4/5/1370 هـ، الموافق 11/2/1951 م). وقبل بدء عثمان شوقي رحلة الكتابة- المكثفة- في «اليمامة» لفت نظري برقية نشرتها باسمه صحيفة «البلاد السعودية» ضمن برقيات التأييد المرفوعة للملك سعود- رحمه الله- من أعداد كبيرة من أبناء المملكة بمختلف فئاتهم والتي كانت تنشر بانتظام خلال عامي 1373 و1374 هـ، بعد احتلال قوات بريطانية لمنطقة البريمي، تحت عنوان ثابت وهو: «البرقيات المرفوعة إلى جلالة الملك المعظم مستنكرة الاعتداء البريطاني على البريمي»، ونص برقيته- في العدد 1994، في 24/3/1375 هـ، الموافق 10/11/1955 م- الآتي: «مولاي جلالة الملك المعظم أنا الذي أكرَمَت وِفادتي بلادكم الكريمة منذ خمسة أعوام فكانت أحب إلى قلبي من وطني السودان ومحبة الجوار والدين والعروبة أضع نفسي بين يدي جلالتكم للذود عن البريمي وكل الأراضي السعودية حتى تشعر بريطانيا التي آذتنا باستعبادها لبلادنا بأننا رجال أشداء لا نرهب الموت ولا نرضى الضيم. واسمحوا لي بالانخراط في قوات الدفاع أو بالإذن بالذهاب إلى هناك ولك يا مولاي فائق شكري وإجلالي عثمان شوقي- بوفيه المطار». التعاون مع «اليمامة» وقد علمت من الأستاذ عمران العمران أن عثمان شوقي عمل عدة سنوات في بوفيه مطار الرياض، حتى قيامه بافتتاح مكتب للخدمات الصحفية في شارع البطحاء في أواخر السبعينيات الهجرية- الخمسينيات الميلادية. ومنذ تحول «اليمامة» من مجلة إلى صحيفة انتظم نشر مقالات عثمان شوقي فيها، وأصبح بعد فترة وجيزة ركناً من أركانها، بزاوية شبه منتظمة بعنوان «هذا منبري» ومقالات ذات طابع اجتماعي أو فكري أو أدبي. وقد بلغ ما أحصيته له من مقالات 123 مقالاً، حيث حل في المرتبة الثانية بعد سعد البواردي- 211 مقالاً وقصيدة-، ويليهما من حيث عدد المقالات عمران العمران- 121 مقالاً وقصيدة- ثم حمد الجاسر- 96 مقالاً-. ويضاف إلى ذلك قيامه بمهام التحرير الصحفي والمساعدة في إعداد مواد الصحيفة للطباعة فيما يسمى اصطلاحاً بالمطبخ الصحفي، من جانب آخر كان يمثل الصحيفة في عدد من المهمات الرسمية، ومنها- على سبيل المثال- ما ذكرته «اليمامة» في العدد 247، الصادر في 17/5/1380 هـ، الموافق 6/11/1960 م، من أن «عثمان شوقي- من أسرة التحرير- مثَّلَ الصحيفة في مؤتمر صحفي دعت المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر الصحفيين لحضوره، للاجتماع برئيس الباكستان في مكة المكرمة، بموجب أمرٍ سامٍ، نيابة عن حمد الجاسر الموجود في أمريكا». في الوقت نفسه- أي خلال تعاونه مع «اليمامة»- شارك بالكتابة وبغزارة أيضاً في مجلة «الإشعاع» الشهرية التي كان سعد البواردي يصدرها بالدمام (من محرم 1375 إلى شوال 1376 هـ- الموافق من سبتمبر 1955 إلى مايو 1957 م). أحياناً بمقال وأحياناً أخرى بمقالين في العدد نفسه. ولا أشك في أن شوقي تعرَّفَ على البواردي خلال إحدى زياراته للشيخ حمد الجاسر في مطابع الرياض، وكانت «اليمامة» تنوه بزياراته لها، ومثال ذلك خبر من سطرين في العدد 34، في 10/10/1375 هـ، الموافق 20/5/1956 م، نصه: «صاحب الإشعاع سعد البواردي يزور إدارة اليمامة في طريقه من شقراء إلى الخبر». تعاون متزامن مع عدة صحف: إلى جانب «اليمامة»، بدء عثمان شوقي الكتابة في صحيفة «عرفات» التي كانت تصدر في جدة لصاحبها حسن عبدالحي قزاز ابتداءً من نهاية عام 1377 هـ، حيث نشرت له أول مقال في العدد 21، في 1/11/1377 هـ، الموافق 19/5/1958 هـ، عنوانه «فلسفة الصداقة». وفي صحيفة «عرفات» تطورت مساهمات عثمان شوقي لتتجاوز الاقتصار على موافاتها بالمقالات إلى تزويدها بما يستجد من أخبار وحوادث في مدينة الرياض- وكأنه وكالة أنباء- إلى إجراء مقابلات مع كبار المسؤولين في المملكة، وأولهم وزير المواصلات الأمير سلطان بن عبدالعزيز- رحمه الله- حول موضوع واحد احتل نصف صفحة، عن طريق الطائف- مكة. ونشر في العدد نفسه- العدد 28، في 11/1/1378 هـ، الموافق 28/7/1958 م- أول تحقيقات عثمان شوقي المصورة- ريبورتاج- وهو استطلاع ميداني مصور من ثلاث صفحات عن «سكة حديد المملكة العربية السعودية»، تضمن زيارات ميدانية لمنشآت السكة الحديد في الدمام ومقابلات مع عدد من المسؤولين والفنيين في إدارتها. وأعقب المقابلة مع الأمير سلطان مقابلة أخرى نشرت في العدد 31 مع أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز- خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان-، وهي مقابلة طويلة وشاملة شغلت قرابة صفحتين، وأعتقد أنها أول مقابلة تجرى معه- حفظه الله- في الصحافة السعودية. وطرحت في المقابلة أسئلة عن أسلوب الحكم والإدارة في الإمارة وعن رأيه في تعليم المرأة ودورها في المجتمع، وعن صلاحياته كأمير للمنطقة، وعن تطلعاته كحاكم إداري ورؤيته لما يجب أن تكون عليه المنطقة. وتبع تلك المقابلة- بل وتمخض عنها- استطلاع شامل- غير مصور- نشر في العدد 32، في 10/2/1378 هـ، الموافق 25/8/1958 م، بعنوان: «جولة في سجن الرياض الجديد» بالملز، تضمن زيارة استطلاعية في السجن للتعرف على مرافقه والخدمات التي يقدمها للسجناء. وقد استهل شوقي الاستطلاع بالقول: «وأخيراً اهتبلتها فرصة عندما تشرفت بالجلوس إلى صاحب السمو الملكي أمير الرياض في إحدى المهام الصحفية التي أقوم بها بين الفترة والأخرى، فسألت سموه بعض الأسئلة عن سجن الرياض المعروف بـ»المصمك» وقد تسنى لي أن أزوره وأعيش فيه أياماً كسجين، وإن لم يكن في ذلك ما يَصِمُ أو يخدش.. فتفضل سموه بالإجابة على أسئلتي ... ثم أمر سموه أن نزور السجن الجديد الذي أوشك على الانتهاء وكلف السيد ناصر العساف مدير شرطة الرياض أن يصطحبنا إلى المعتقل الجديد...». الانتقال إلى صحيفة «الخليج العربي»: من التعاون مع صحيفة «عرفات» التي تصدر في جدة انتقل عثمان شوقي إلى التعاون مع صحيفة «الخليج العربي»، التي صدر عددها الأول في مدينة الدمام في 11/2/1378 هـ، الموافق 26/8/1958 م، وقد نشر في هذا العدد الأول خبر عن «اختيار» عثمان شوقي الصحفي السوداني «مشرفاً على الصحفية ووكيلاً ومندوباً صحفياً لها في الرياض»- انظر صورة الخبر المرفق. وفي حقيقة الأمر، رغم وجود عبدالله شباط، مالك امتياز الصحيفة والمسؤول الأول عما ينشر فيها، ووجود رئيس تحرير لها وهو محمد أحمد الفقي- وكان يعمل مديراً لشرطة الدمام- حسبما أخبرني عبدالله شباط نفسه- رحمه الله- في مقابلة أجريتها معه في الخبر عام 1412 هـ- 1992 م- إلا أن نسبة كبيرة مما ينشر في الصحيفة خلال الشهور التسعة من صدورها- كما هو واضح من محتوى أعداد الصحيفة- كان من انتاج عثمان شوقي، من المكتب الصحفي الذي فتحه ربما في بداية ذلك العام، في عمارة الأمير فيصل بن تركي بشارع البطحاء. وحتى العدد 38، في 6/11/1378 هـ، الموافق 13/5/1959 م، كان عثمان شوقي يمد الصحيفة بما يستجد من أخبار وحوادث ومناسبات في العاصمة الرياض، ويحرر باب بريد القراء وباب الرياضة، الذي كان يحتل صفحة أو صفحتين، ويوافيها بالمقالات التي كان يسهم بها كتاب يقيمون في الرياض، وبتحقيقات ميدانية، ومن ضمنها تحقيق ثري وغزير بالمعلومات عن زيارته لمدينة بريدة وعدد من مدن منطقة القصيم نشر في عدة أعداد. ويلفت الانتباه كذلك كثرة الأخبار عن نشطات كليتي اللغة العربية والمعهد العلمي والمدارس في الرياض، وخصوصاً المدرسة الأهلية التي كانت تقع في مكان قريب من المكتب الصحفي لعثمان شوقي بشارع البطحاء. ويضاف إلى كل ذلك أنه كان يشرف على طباعة أعداد الصحيفة في مطابع الرياض بشارع المرقب، ثم على شحنها إلى الدمام وجدة لتوزع في بقية أنحاء المملكة. الانتقال إلى صحيفة «القصيم» بعد انتهاء فترة إشراف عثمان شوقي على صحيفة «الخليج العربي» في الرياض، نشرت الصحيفة خبراً تقدم فيه الشكر له وتعلن للقراء عن انتهاء علاقته بها. وبعد انتهاء العلاقة بتلك الصحيفة استأنف شوقي عمله في صحفة «اليمامة» وبقي نشاطه مقتصراً عليها قرابة ستة أشهر، حتى مطلع شهر جمادى الثانية عام 1379 هـ، الموافق 1 ديسمبر 1959 م، وهو اليوم الذي صدر فيه أول أعداد صحيفة «القصيم» في الرياض، واللافت للأمر هذه المرة أن اسم عثمان شوقي ظهر في ترويسة الصحيفة، حيث ذكر في رأس الصفحة الأولى أنه «ناموس التحرير ومديره»، إلى جانب صاحب امتياز الصحيفة عبدالله العلي الصانع ورئيس تحرير الصحيفة ومدير إدارتها علي المسلم. وقياساً بإنتاج عثمان الشوقي في الصحف التي تعاون معها أو عمل فيها خلال الأعوام الأربعة السابقة، لم استغرب كثافة إسهاماته وتنوعها في صحيفة «القصيم»: إجراء المقابلات الصحفية مع شخصيات سعودية وكذلك مع شخصيات عربية تزور المملكة، مثل رئيس تحرير مجلة «العربي» الكويتية الدكتور أحمد زكي- في العدد الثاني- والكاتبة والصحفية المصرية أمينة السعيد- في العدد التاسع- وهي صحفية عرفت بباب «إسألوني» في مجلة «المصور» المصرية، وكانت في زيارة للرياض بدعوة من الأميرة حصة بنت سعود، إحدى كريمات الملك سعود رحمه الله. تولى شوقي كذلك تحرير باب «الرياضة» الذي كان يحتل صفحة وأحياناً صفحتين في العدد نفسه، واستمر في تغطية النشاطات الرياضية بمدينة الرياض تغطية نشطة طوال عام ونيِّف،، حتى العدد 61، الصادر في 21 شعبان 1380 هـ، الموافق 7 فبراير 1961، حينما خلفه الأستاذ عبدالرحمن العليق في الإشراف على ذلك الباب. إلى جانب ذلك كان شوقي يشرف على تحرير باب من صفحتين يعنى بنشر انتاج الناشئة، بعنوان «في عالم الشباب». مأساة في بيت شوقي في العدد الخامس عشر من «القصيم»، في 11 رمضان 1379 هـ، الموافق 8 مارس 1960 م، تحدث شوقي وللمرة الأولى والأخير عن بعض جوانب حياته خلال السنوات العشر الأولى التي قضاها في المملكة. وقال في ختام مقال طويل بعنوان «حقبة شوقيات من حياتي قد انقضت»: «وأنا لست من السعادة الآن في شيء، أي بيني وبينها بون شاسع وشقاق فاجع.. وذلك لأني لم أحظ حتى اللحظة بشريكة الحياة التي أنشدها وأريدها، وبالتالي لم أحظ بالولد الذي يحمل أسمي ويخلده.. !؟» وُفِّقَ عثمان شوقي بعد بضعة أشهر في الارتباط بشريكة الحياة، لكن فرحته لم تدم إلا أقل من عام ونصف، إذ توفيت زوجته في حادث حريق في منزله، ونجا هو نفسه من ذلك الحادث بعد إصابته بحروق. وقد نشرت صحيفة «اليمامة» في العدد 295، في 6 جمادى الاولى 1381 هـ، الموافق 15 اكتوبر 1961، خبراً بعنوان: «البقاء لله» يتضمن تعزية من أسرة «اليمامة» لعثمان شوقي في وفاة زوجته في حادث حريق؛ ثم نشرت الصحيفة في العدد 298، في 5 نوفمبر 1961، تحت عنوان «شكر واعتراف بالجميل» سطوراً بقلم عثمان شوقي عبر فيه عن فجيعته بزوجته ابنة عمه في حادث حريق وبقائه في المستشفى المركزي- مستشفى الشميسي- 21 يوماً، وشكر من زاروه وواسوه خلال فترة علاجه من آثار الحريق في المستشفى، وفي مقدمتهم مدير عام وزارة الصحة آنذاك الدكتور حسن نصيف وكبار المسؤولين بالوزارة ومنسوبي المستشفى على عنايتهم به. ومع أنه مكث تلك الأسابيع الثلاثة للعلاج في المستشفى فإن الحس الصحفي لم يفارقه، حيث نشرت له الصحيفة في العدد 302، في 25 جمادى الثانية 1381 هـ، مقالاً بعنوان: «نظرات في مستشفى الشميسي» ضَمَّنه ملاحظاته الصريحة على أداء المستشفى وخدماته والعاملين فيه». والعجيب أن صحيفة «اليمامة» نشرت قبل الحريق بعامين مقالاً بقلم عثمان شوقي- في العدد 178، الصادر في 6 محرم 1379 هـ، الموافق 12 يوليو 1959 م،- أي قبل زواجه بعام تقريباً- تطرق فيه إلى حادث حريق وقع لأسرة سعودية، بسبب ارتداء مواطن لرداء من النايلون بالقرب من مادة البنزين. وحذر شوقي في ذلك المقال من التساهل في ارتداء ملابس معرضة للاشتعال بمجرد ملامستها للنار... بعد انتقال ملكية صحيفتي «القصيم» و»اليمامة» إلى مالكين آخرين في شهر شوال 1381 هـ، الموافق لشهر مارس 1962 م، تضاءل إسهام عثمان شوقي في الصحف السعودية حتى بداية عام 1384 هـ، حينما انتقل نشاطه إلى مدينة جدة للعمل محرراً بها بعد استئناف صدور صحيفة «البلاد» من «مؤسسة البلاد للطباعة والنشر»، وتولى خلال ذلك العام والعام الذي تلاه تحرير أبواب مختلفة فيها، مثل «علوم وفنون» وباب ثقافي بعنوان «ألوان»، وكان آخر ما ظهر له فيها باب بعنوان «حصاد الأسبوع»، نشر في العدد 2066، في 26 رجب 1385 هـ، الموافق 19 نوفمبر 1965 م. وفي العام نفسه كان متواجداً بشكل ملحوظ في الشهور الثلاثة الأولى من الصدور الأسبوعي لصحيفة «اليوم»، وآخر ما وجدته له فيها مقال بعنوان «التلفزيون: الوطن الجديد»، نشر في العدد 15، الصادر في 8 صفر 1385 هـ، الموافق 7 يونيو 1965 م. ختاماً، صحافة المملكة قامت وتطورت على أكتاف أبنائها، ولم أجد خلال تتبع مسيرة تطورها استثناءً من تلك القاعدة إلا عثمان شوقي، وذلك إذا ما تجاوزنا معالي الشيخ يوسف ياسين- الذي قدم من سوريا وأصبح رئيساً للشعبة السياسية في ديوان الملك عبدالعزيز ثم وكيلاً لوزارة الخارجية بمرتبة وزير لاحقاً...- الذي تولى رئاسة صحيفة «أم القرى» خلال الأعوام الخمسة عشر الأولى من صدورها بين عامي 1343 و1361 هـ. وتظل قصة عثمان شوقي غير مكتملة- رغم الكم الضخم المتاح من نتاجه الصحفي المطبوع- ولعل من له معرفة ببقية مشوار ذلك الصحفي الطموح والمكافح يكتب عنها.