
أكد أدباء الرياض بعد مضي فترة لتجربتهم (لمترو الانفاق) بأنه لن يطول الوقت حتى نرى القطار أو المترو يدخل في معجمنا الأدبي، كما دخل في معجم حياتنا اليومية، ونرى الأعمال الأدبية التي تحكي عن المترو، كما تناولت الطائرة والسيارة والباخرة من قبل وأشاروا في الاستطلاع التي أجرته (مجلة اليمامة) أنه يمكن التسريع (بأدب المترو)، إذا رغبت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، في أن تتعاون مع هيئة الأدب والنشر والترجمة، لعمل مسابقة في الكتابة ، محورها الرئيس (أدب المترو)، ليخدم ركوب المترو كفكرة، وتشجيع القراءة كسلوك يومي في القطار،والأنماط المختلفة من السلوك ومستويات التفكير، خصوصا في وجود تنوع ثقافي واجتماعي كبير في عاصمة الإنسانية الرياض ، واعتبروا أن تجربة (المترو) ستفتح الآفاق أمام الكتاب والمبدعين للقبض على هذه التحولات في حياة الناس وعلاقاتهم ببعض ورصد المواقف اليومية والتي لابد تشكل سياقا ثقافيا جديدا عن ما كنا نعرفه. ذكر المستشار الإعلامي عبدالعزيز بن فهد العيد «من المبكر جدًا، أن نقول إنه مع افتتاح خطوط قطار الرياض( المترو)، أصبح لدينا ( أدب المترو. وذلك لأسباب عدة مها: «المترو حديث جداً، ولم يتكرس استعماله لسكان الرياض، خصوصاً الطبقات المهمشة والوسطى، التي ستستعمله عن احتياج فعلي، وليس وسيلة ترفيهية لتزجية الوقت،-,ولأن فكرة القراءة لم تتكرس في ( المترو) بعد، وتحتاج إلى وقت طويل لتعزيزها، كسلوك ثقافي وطقس اجتماعي». وأضاف «يمكن التسريع بأدب المترو، إذا رغبت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، في أن تتعاون مع هيئة الأدب والنشر والترجمة، لعمل مسابقة في الكتابة ، محورها الرئيس ( أدب المترو)، وتكون بذلك قدمت خدمة لركوب (المترو) كفكرة، ويشجع القراءة كسلوك يومي في القطار، ويمكن كذلك وضع مكتبات صغيرة ، في محطات القطار ، جنباً إلى جنب ، مع المقاهي والمطاعم ، مشيرا إلى أنه.- لن يتحول المترو إلى أدب، إلا إذا تحولت محطاته، إلى أماكن للذكرى ( نوستالجيا) ، وهذا يستدعي مرور زمن على الجيل الشاب الذي سيعتمد المترو وسيلة نقل أساسية في حياته بشكل عام. من جانبه ذكر الأديب عبد الرحمن موكلي* «نحن كمجتمعات نعيش وسيلة النقل من خلال السيارة وكل واحد يعيش تجربة النقل بمفرده أو مع أسرته ويعيش زمنه كحالة خاصة سرعة وبطء بدخول وسيلة النقل من خلال المترو ينتقل الفرد من التنقل بمفرده إلى التنقل مع الكل ومن خيار السيارة والأسرة إلى خيار النقل العام والمجتمع ومن الزمن الخاص إلى الزمن العام ويصبح الانضباط الزمني للسير حالة دائمة وليس مؤقتة هذه المرحلة من النقل تعد من المواصلات الحديثة حيث الجميع يعيش قيمة الزمن ويرتبط بوسيلة النقل كجزء من حياته اليومية وتنتفي في النقل العام فرز الطبقات فالغني والفقير يركبون نفس الوسيلة ويصفون في السير ويركبون من نفس البوابة وينزلون منها كل هذه الأمور لها متغيراتها على حياة الفرد النفسية والاجتماعية وتشكل علاقات جديدة بين فئات المجتمع المختلفة مما يفتح الآفاق أمام الكتاب والمبدعين للقبض على هذه التحولات في حياة الناس وعلاقاتهم ببعض ورصد المواقف اليومية والتي لابد تشكل سياقا ثقافيا جديدا عن ما كنا نعرفه من خلال وسيلة النقل من خلال السيارات». من جانبها ذكرت القاصة فاطمة الدوسري « نعيش هذه الفترة مرحلة تحول نخضع لتداعياتها بكل رحابة، ولا شك أن التجارب الأولى لها فرادتها وامتيازها، كنت انتظر وبلهفة افتتاح مترو الرياض الذي أسبره منذ بداية العمل فيه حتى بدأت التجارب التشغيلة قبل الافتتاح. وأضافت «ليست المرة الأولى التي اتنقل فيها عبر المترو، لكن خارج الوطن، إنما في الرياض له قراءته الخاصة لدينا كمواطنين وحملة قلم.» وتقول الدوسري « أن الرياض التي كل يوم نشهد إضافة ونقلة حضارية فيها يكتبها التاريخ، في تجربتي الأولى لمست جمال المكان ونعومة ملمسة عن قرب بأحاسيسي، رغم الزحام المقبول من حولي، عشت لحظة مشاعرية بامتياز، مبهورة بكل الوجوه التي أتأملها وفي كل وجه أقرأ حكاية تختلف، شعرت ببهجة التقاط اللحظات وازدحام المفردات في مخيلتي، لإعداد وليمة ممتعة وحديث خاص قد يمتد أكثر من ليالي شهرزاد.» وتتابع «طفرة كبيرة في منسوب الوعي ومفهوم التعايش المشترك مع الآخرين، وتقاسم مسافة الطريق التي لا مجال فيها للثرثرة، عبور سريع كما هي الرحلة قصيرة المدى…» وترى الدوسري « محطات المترو تعتبر محك رئيس لاختبار الحس الأخلاقي لدى البشر.. حيث تنصهر الطبقية والأنماط المختلفة من السلوك ومستويات التفكير. والفوارق الأخرى، هي رحلة الذات مع المشاعر الانسانية، ولنا خصوصية في وجود تنوع ثقافي واجتماعي كبير، في ظل هذه الوثبة الحضارية وعجلة النمو المستمرة، فمجرد ابتسامة تعطيك اذن العبور إلى الآخر المختلف في الثقافة واللغة والعادات دون مصافحة باليدين أو حديث. متخيل أدبي فسيح وفضاءات متعددة الاتجاهات والزوايا لا تتوقف، ستولد قصائد وروايات وقصص بعضها قصير جدًا تحكي زمن ذاهب للأمام ، لا يتراجع أبدًا كما مترو الرياض وعقول يحملها…وسيحمل الكثير منا إلى الأدب العالمي لنقرؤه السلام». الشاعر والروائي سعد عبد الله الغريبي يقول حول تجربته «جربت قطار الرياض الكهربائي، ثم انتهت فترة التجربة إلى الاستخدام العملي، فصرت أتنقل بواسطته لكثير من الوجهات، لكنه لم يلهمني إبداعا حتى الآن، ربما لأني ما زلت في طور الدهشة والملاحظة والتأمل. كنا منذ الأيام الأولى لتشغيل القطار نقوم برحلات استكشافية، ونتعرف على المحطات والمسارات وشراء التذاكر، والاستفادة من مواقف المحطات التي يتوفر بها مواقف، والخطوط المباشرة ومتى نحتاج إلى تغيير المسار. كان معظم من التقيتهم في الأيام الأولى مثلي في مرحلة التجريب، وكانوا يحرصون على الوقوف لمتابعة خط سير القطار، وتصوير المناظر الخارجية للمدينة، والداخلية للمقصورات والمحطات، وكانت أحاديث الركاب جميعا عن المترو أو القطار، وسرعته وقيادته الآلية بالكهرباء ومن غير سائق. لكني لاحظت في الأيام الأخيرة أن دهشة الركاب تلاشت، وخفت وتيرة الفضول، وبدأ ركوب القطار كحدث اعتيادي، وحتى تصرف الأفراد والعائلات صار تصرفا طبعيا، وتخلصنا سريعا من السلبيات التي صاحبت البدايات، فصار الصغير يفسح المكان للكبير، وقل التدافع على الأبواب نزولا وصعودا، وامتنع الركاب عن تناول المشروبات والمأكولات داخل المقصورات» ويتابع « لقد أثبت القطار أننا مجتمع مثقف وواع، ولسنا في حاجة لفترة تجريبية طويلة حتى نتعرف على المستجدات. وكما استوعبنا التحولات السريعة في المجتمع، كقيادة المرأة للسيارة، التي أخرها مقولة إننا مجتمع له خصوصيته. كان المرجفون يقولون إننا مترفون ولن نستخدم القطار، لأنا تعودنا على استخدام سياراتنا الخاصة، ولم نعتد المشي الذي يتطلبه استخدام المترو. والذي حدث هو أننا - على عكس ما ظن أولئك - صرنا نستخدم المترو لنتخلص من عبء القيادة، ولنمنح أجسامنا قليلا من رياضة المشي، ولنتخلى عن الترف الذي اتهمنا به ظلما.» ويؤكد الغريبي «أنه لن يطول بنا الوقت حتى نرى القطار أو المترو يدخل في معجمنا الأدبي، كما دخل في معجم حياتنا اليومية، ونرى الأعمال الأدبية تحكي عن المترو، كما تناولت الطائرة والسيارة والباخرة من قبل، وكما تناولنا - نحن السعوديون - قطارات الدول التي زرناها وتجولنا بها.»