موقع الثمامة..

هــل هــو موقــع أثــرى أو متنــزه سـيــاحــي?.

تقع الثمامة وسط المملكة العربية السعودية ضمن حدود متنزه الثمامة الوطني الواقع على بعد 95 كلم شمال شرق مدينة الرياض. ويعد من أهم المواقع الاثرية المنسوبة لفترة العصر الحجري الحديث والتي تمتد من 8000 - 4000 سنة قبل الميلاد. وقد اشتقت المنطقة اسمها من نبات الثُمام، وهو نبات بري ينمو طبيعيا في المنطقة الوسطى من المملكة العربية السعودية، وتتغذى عليه أنواع مختلفة من الحيوانات. وتشكل هذه المنطقة جزءاً من التشكيل الجيولوجي المعروف باسم الرف العربي الذي يغطي الأجزاء الوسطى والشرقية من الجزيرة العربية، وتمثل الثمامة جزء من هضبة العرمة وهي هضبة حجرية متموجة في ارتفاعاتها وانخفاضاتها كلما اتجهنا شرقا تتخللها وديان مطوقة، حدودها الشرقية رمال الدهناء والغربية أراضي غرينية. في حين تميزت هضبة العرمة بأحجارها الممتدة والتي يقطعها وادي العتك الصغير. وتعد أكثر المناطق خصوبة بسبب ترسبات طبقات الغرين فيها، وتجري مياه الوديان من منحدرات جبال طويق لتتجه شرقا أو تقطعها روافد وأودية صغيرة بأحمالها الرسوبية. إضافة الى وجود مساحات مغطى بحصباء الكوارتز، والحصى الأسود الصغير، والحجر الجيري، وصخور الدولوميت وذلك نتيجة لعوامل التعرية الذي تعرضت له عدة أماكن. وبناء على توجيه من جلالة الملك خالد بن عبد العزيز يرحمه الله لدراسة المواقع الاثرية بموقع الثمامة، قامت وكالة الآثار والمتاحف بزيارتين ميدانيتين في عام 1402هـ/1982م بقيادة فريق من وكالة الأثار والمتاحف بإجراء مسح في المنطقة، نتج عنه تحديد بعض المواقع الأثرية وتصويرها ورسمها. وخلال عام 1403هـ/1983م واصل الفريق العمل بإجراء حفريات صغيرة للوصول الى أفضل النتائج حول الظواهر والملامح الأثرية المنتشرة بكثرة في الثمامة، وأكدوا ان هذا الموقع يمثل مستوطنة أو قرية تعود لفترة العصر الحجري القديم ويمتد إلى فترة العصر الحجري الحديث، والذي كان يعتمد الناس فيه على الصيد واستئناس الحيوانات والزراعة البدائية وصناعة الأدوات الحجرية الدقيقة المتمثلة في المكاشط الشبه الدائرية، والمثاقب، والشظايا التي عليها تشذيب سطحي ومحدود، والسكاكين، والحراب وهي عبارة عن نصل مستطيل الشكل مشحوذ بطريقة الضغط من الجهتين، ورؤوس السهام المشحوذة بطريقة رفيعة في احد الوجهين وهي جيدة الصنع مدببة الرأس أو مسننة. لكنهم لم يعرفوا بعد صناعة الفخار. حيث كان دليل الباحثين في انتماء هذا الموقع لفترة العصر الحجري الحديث هو نوع تلك المواد الحجرية التي وجدت بالموقع حيث شحذت من الوجهين بواسطة تقنية الضغط أو الطرق الخفيف، الى جانب الدقة في صناعة تلك المخارز والنصال ورؤوس السهام الدقيقة حيث لم يعثر لها مثيل في أهم مستوطنات العصر الحجري الحديث في جبة وكلوة بالمنطقة الشرقية، والخماسين والربع الخالي بالمنطقة الجنوبية، وتاروت ويبرين بالمنطقة الشرقية ولان العصر الحجري الحديث هو عصر مجتمعات الأكواخ والقرى الصغيرة، فقد كان بناء المساكن في موقع الثمامة على نوعين: النوع الأول: عبارة عن حفرة في وسط التل، يصل قطرها الى 13متر، مزودة من الداخل بأساسات حجرية عبارة عن ألواح حجرية رأسية تسير في محيط دائري مزدوج، مكونه من جدار يصل سمكه الى 0,50سم، يبلغ ارتفاعه 80سم ومقسمة الدائرة من الداخل الى دوائر قد تصل الى دائرتين أو ثلاثة، تمثل غرفاً داخلية. النوع الثاني: عبارة عن دوائر حجرية كبيرة الحجم فوق سطح الأرض، ربما لتكون الواجهات الجبلية مصداتٍ لهم عن الرياح، حيث بنيت بكتل حجرية غير منتظمة موضوعة فوق بعضها بطريقة عشوائية، قد يصل قطرها الى 9أمتار، يوجد بها مدخل الى جانبه دائرة صغيره قد تكون غرفة للتخزين الحبوب والأغراض. أما مرحلة ما بعد العصر الحجري الحديث فتمثلها المباني الدينية والتي صنفت الى خمسة أنواع تختلف في التصميم وتتفق في وجود النصب الحجرية المتجه شرقا ربما لمعتقدات دينية معينة، فمنها الأبنية الشريطية – أو البناء الدائري – أو البناء البيضاوي- أو البناء المستطيل الذي على هيئة رجم حجرية مملوء بالكتل الحجرية. إلى جانب نوع آخر من المنشأة يتمثل في المدافن حيث امتازت بالبساطة والخلو من التعقيد، فقد تكون مدافن تبنى قبل الوفاة فهي كبيرة الحجم قد تحوي على أكثر من شخص، أو شيدت وقت الوفاة فأصبح لحد صغير لشخص واحد. أما طريقة الدفن فقد لوحظ في أقدم المدافن استخدام طريقة الدفن على هيئة القرفصاء اعتقادا أنه يولد مره أخرى في العالم الآخر، والأحدث منها والتي تعود إلى ستة الاف سنة من الوقت الحاضر كان الميت يوضع مستلقيا ظهره ورأسه نحو الشمال، مما يدل على تخمين الفصل الذي دفن فيه الميت. إذاً يشهد موقع الثمامة الذي يمثل فترة العصر الحجري الحديث منذ ثمانية آلاف سنة من الوقت الحاضر إلى وجود الاستيطان البشري فيه بدليل تلك المخلفات والظواهر المعمارية والآلات والأدوات اليومية التي امتازت من حيث الحجم والطراز والمقاسات وطريقة التشذيب والتسنين الى دلالات لوجود مصنع متخصصة في انتاج تلك الأدوات. المصادر والمراجع:......................... ــ الإدارة العامة للأثار والمتاحف. سلسلة آثار المملكة العربية السعودية (اثار منطقة الرياض)، وزارة المعارف، وكالة الاثار والمتاحف، 1423هــ 2003م. ــ أبو درك، حامد، وعبد الجواد مراد، ومحمد ابراهيم، الاستكشافات والتنقيبات الأثرية في موقع الثمامة الذي يرجع تاريخه الى العصر الحجري الحديث، أطلال، العدد الثامن، 1404هـ ــ 1984م. ــ غلاب، محمد السيد. الجغرافيا التاريخية، عصر ما قبل التاريخ وفجرة، مكتبة الانجلو المصرية، الطبعة الثانية، 1975م. ـ الشارخ، عبد الله محمد، دراسة آثرية لموقع الثمامة النتائج الأولية، أدوماتو، العدد التاسع، 2004م. *ماجستير آثار ومتاحف