المحكمة

*مناسبة المقال القصصي:* الحرب الصهيونية الظالمة ضد أهلنا في غزة وتعامي المنظمات الدولية عنها *نصُّه:* تلَّها للجبين، وفجأة تُحوِّل دوامات الهواء (كوفيّته) إلى (شماغ) من اليحمور، وتبتلعه كنملة في خرطوم خنزير الأرض؛ ليغرق في فاصل من الظلام. تُرفَع عن عينيه العصابة لتعود إلى سياق النور، لكنّ إدراكه للموقف لم يجد سياقا ينتظم فيه بعد. هل هذا حلم أم علم؟! الجنود المغاوير يملؤون الطَّوَّافة التي وجد نفسه مقيدا في زاوية منها بأذنين أصمهما أزيزها، ورأس أطار الذهول عصافيره، وجلد كأن الدم من فرط جريانه سيتفجر من مسامّاته. يتقدشم إليه ذو أوسمة تغشى زيّه العسكري كدثار مزركش، تقع عينيه على نظاراته التي تلمع تارة وتعكس صورة وجهه المخروطي الحنطي الملتحي تارة أخرى. يتحدث إليه بلغة أثقل من الأزيز؛ تُترجم له: - أنت معتقل؟ - شُو؟ مِينْ إِنْتُو وشُو سوّيت هلّا؟ - نحن قوة التّدخّل السَّريع في منظمة (ماو) العالميّة، وانظر إلى يديك الحمراوين لتعرف ما صنعت! .... بعد رحلة طويلة فوق البحر، يهبطون على جزيرة في سجن تحيط أسواره بها إحاطة السّوار بالمعصم. .... في المحكمة يتلمس زيّه البرتقالي الجديد، ويقلب نظره فاغرًا فاه في الجداريات الملأى بالقطط، ويقطع نظره دخول القضاة بشعورهم المستعارة المجعّدة. المترجم عن أحد القضاة: لقد ضبطت متلبسًا بجريمة الشروع في قتل قطّة، ولحسن الحظّ تداركها فريق التدخل البيطري السّريع في المنظّمة؛ ما دافعك لهذا العمل الإرهابيّ؟ - آآآ. آآآ (يتنحنح). أنا دكتور وكنت بحاول أصنع خيوط جراحة؛ لأنو ماظل عنا خيوط، العالم عَم يتفرج علينا وإحنا بنموت. - وتصنعها من ألياف أمعاء القطط؟ - آآآ، أنا مضطر؛ شو بدّي أعمل غير هيك. - يمكن عدّ ما تقول اعترافًا. - أنا بعترف إني بحاول أنقذ الناس؛ فيها إشي لا سمح الله؟! - وهل يكون إنقاذ الناس بإهلاك القطط؟! - كلت لك أنا مضطر؛ فش خيط جراحة ظل عنا والله. - لا مبرر لقتل قط مسكين. - إنت بتعرف شو صاير عنّا بغزّة. - هل تعرف ماذا تقول المادّة الرّابعة من الإعلان العالمي لحقوق القطط ؟ أقتبس:»الجهل في زمن العلم والاضطرار في زمن الحرّيّة لا يعفيان من عقوبة». -يسكت على مضض. يكلّمه قاضٍ آخر: -هل تعرف عقوبة قاتل القطط في الدّين المحمّدي الذي تنتمي إليه؟! -يسكت. - أنت تعرف بالتّأكيد، وعموما ستكون عقوبتك هنا لاشيء مقارنة بلظاها. قاض ثالث: - لقد انتهكت بفعلتك أيضا (ينبرها نبرا) المادة الثانية عشرة من الإعلان العالمي لحقوق القطط:»لا يجوز بأي شكل من الأشكال أن تدخل القطط في التجارب الطبية وصناعة الدواء الإنساني، ويستثنى من ذلك شعرها المتساقط بعد أخذ التصاريح اللازمة» - يضحك: شو عم بتؤول يا زلمه؟! - لا تضحك مرة أخرى، وإلا سيعد هذا ازدراءاً للمحكمة. .... يحكم عليه بالشروع في قتل قط وازدراء المحكمة.