أقبل إلينا حاملاً نوراً وسُكنى.

إن في حضوره مهابة يُخالطها انشراح واطمئنان، وفي أيامه سلوة وإفتقار للرحمن وحده، وإن للحظات النفس وخلواتها في لياليه الساكنة تجردًا من أردان الدُنيا، فكأن من قصد أصيل أوله اغتسل بضياء روحانيته، وتعلق قلبه بمسالك إحسانه ونيل عظيم ثوابه، فتراه يُقبل على العبادة كإقبال الخيل السباقة في غمار من السرعة واللهفة، باغيًا بذلك من الخير أوفره ومن الأجر أجزله. وإن من الأرواح من يحمل فيضًا من الآمال وكثافة الأحلام، آخذًا إياها بجُل هموم دنياه، قليل الرضا بما عليه الحال، بائس اليقين بجوانب الصرف والمنع، يرى في ذاته مع شدة الطلب وكثرة الإلحاح قنوطًا، فتراه متحسرًا على أديم أمور حياته، باغيًا لكل متعلق مفقود منصرفًا عن كل صغير موجود، فينظر لنِعم الآخر بعين الآسف الناقص، تواقًا لعيشه الرغيد وأُنسه الظاهر، فمن تمنى ما عند غيره طاله السخط في نفسه، وتحولت النِعم بين عينيه إلى عبور مألوف، وإن في رمضان فرصة يربي بها المرء روحه على نور من الله وفضل، واجدًا في كتابه منهجًا للعيش مستقرًا، تطيب به خواطره، وتُنقى به سرائر صدره، فلله أيام تطوقنا بنور منه تحل في كل عام، لتُطهر أرواحنا وتسلم صدورنا، وتبث في دواخلنا رضًا وأمانًا وسكينة.