يوم التأسيس واليوم الوطني.

يُعد يوم التأسيس واليوم الوطني مناسبتين عزيزتين على قلوبنا نحن السعوديين، كما أنهما مصدر فخر واعتزاز لأصدقائنا الذين يشاركوننا فرحتنا في كل إنجاز نحققه، سواء في الماضي أو الحاضر، أو ما سننجزه في المستقبل ضمن رؤيتنا الطموحة رؤية 2030 وما بعدها. إلا أنه، للأسف، هناك فئة من أشقائنا العرب – هداهم الله – لا يسرهم فرحنا ولا إنجازاتنا، رغم أنهم يدركون ويؤمنون بمقولة: “حب الوطن من الإيمان”، والتي تعكس قيمة حب الوطن باعتباره جزءًا أصيلًا من وجدان الإنسان، مهما كان انتماؤه الديني أو الفكري. فالوطن هو الحضن الذي يجمع النفس، والمال، والأبناء، والأمن، والاستقرار، ومن دونه تفقد هذه المكونات قيمتها. لذلك، فإن الشعور بالخوف على الوطن وموارده يدفع كل مواطن مخلص، في أي بقعة من الأرض، إلى الدفاع عن كل شبر منه، باعتباره يمثل حياةً كاملة بكل مقوماتها. فالحفاظ على الوطن ومكتسباته ليس مجرد واجب، بل هو عقيدة سامية تتفوق على كل الاعتبارات، وقد يصل هذا الشعور إلى التضحية بالنفس في سبيل الدفاع عن حدوده، كما نراه جليًا في تضحيات الأبطال الذين يذودون عن دينهم ووطنهم وقيادتهم. الارتقاء بالحوار الوطني: لكن حب الوطن، بكل ما يحمله من مشاعر صادقة، لا يعني الانجرار وراء الخطاب المتشنج أو استخدام ألفاظ جارحة بحق من نختلف معهم. فالتمسك بالأخلاق العالية واجب ديني وأخلاقي، يحتم علينا عدم الانسياق وراء القذف أو الظلم أو البهتان لمجرد إرضاء الغضب. ومكارم الأخلاق ليست جديدة علينا، بل كانت موجودة حتى في الجاهلية، فكيف بنا اليوم، ونحن في عصر العلم والوعي والانفتاح؟! ومع ذلك، نجد أن بعض أرباب الأقلام في وسائل التواصل الاجتماعي يُصرون على إثارة الفتن، مستخدمين أساليب الجهالة، والتجريح، والإسقاطات غير النزيهة. ومن المهم أن يتجنب العقلاء مجاراة هؤلاء السفهاء، لأن الحكمة تقتضي ضبط النفس والسمو فوق المهاترات. القدوة الحسنة في حب الوطن: إن الفرح الذي يعم الوطن في يوم التأسيس واليوم الوطني، وما يبعثه من مشاعر الفخر بـ “ماضينا يوم بدينا”، يجب أن يكون دافعًا لنا لنظهر حبنا للوطن بأسمى صورة، بعيدًا عن لغة التشكيك أو المناكفات التي لا تخدم أحدًا. ومن المؤسف أن نرى بعض المنافقين الذين يتظاهرون بحب الوطن، بينما تضمر قلوبهم الشر له، وهو ما يتنافى مع الوطنية الحقيقية. من يحب وطنه حقًا، ويطمح له بالأمن والاستقرار والازدهار، لا يمكن أن يخالف نهج قيادته الرشيدة، التي تعاملت مع مختلف التحديات بأسلوب راقٍ وحكمة جعلتها محل احترام الأصدقاء والخصوم على حد سواء. فلماذا لا نكون جميعًا على هذا النهج، ونكون قدوة في تعاملنا، سواء مع أبنائنا، أو زملائنا، أو أصدقائنا؟! ختاما: يوم التأسيس واليوم الوطني مناسبتان تحملان معاني الفخر والانتماء، ويجب أن نستغل هذه الفرص لتعزيز وحدتنا، وتقديم صورة مشرفة عن أخلاقنا، وإظهار حبنا للوطن بأسلوب راقٍ وأفعال نبيلة تعكس قيمنا العريقة.