في ذكرى التأسيس:

جذورنا راسخة ومستقبلنا مشرق.

قدم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز خدمة جليلة للوطن ولشعبه في 27 يناير 2022، عندما أصدر مرسومه الملكي بإحياء ذكرى يوم التأسيس سنوياً في 22 فبراير، وهو ما يمثل الجذور التاريخية والحضارية والثقافية العميقة للمملكة العربية السعودية عندما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ/1727م.   ويعتبر يوم التأسيس ذكرى وطنية خالدة في الذاكرة السعودية. وتكمن أهمية هذا اليوم ذو الأهمية التاريخية الشاهد على جذور هذا الكيان الشامخ في اعتباره أول مناسبة وطنية تأتي مع بداية العام (الثاني والعشرين من فبراير)، ولأنه متمم في مفهوم ترسيخ الهوية السعودية لليوم الوطني الذي نحتفل به في الثالث والعشرين من سبتمبر كل عام، إلى جانب إبرازه  التجربة السعودية في عمقها التاريخي والحضاري، والاحتفاء بتراثها الثقافي المتنوع، والتعبير عن الوفاء للأئمة والملوك والمواطنين الذين ينتمون إلى تراب هذا الوطن العزيز. إن أول نقطة مؤكدة على مسار تأسيس الدولة السعودية كانت في مطلع القرن الخامس الميلادي، عندما هاجرت قبيلة بني حنيفة إلى اليمامة في نجد السفلى من موطنها في الحجاز على ساحل البحر الأحمر.   وهنا، عند تقاطع العديد من طرق القوافل المهمة، استقرت القبيلة التي ينتمي إليها آل سعود الحاكمون وازدهرت، فأسسوا مدينة هجر ـ الرياض الحديثة ـ ومارسوا التجارة، وزرعوا المحاصيل في الوادي الخصيب الذي أخذ اسمه في وقت لاحق ـ وادي حنيفة-. وهو ما يعني أن جذور الدولة السعودية تمتد إلى هذا الزمان الموغل في القدم. وعندما نعتبر أن العام 1727 هو يوم تأسيس هذا الكيان الشامخ فهذا يعني أن الدولة السعودية من أوائل الدول التي توفرت لها مقومات وخصائص الدول الرائدة ذات السيادة ضمن المفهوم الحديث لمعنى الدولة. ولعل أهم ما يميز هذا الكيان الذي أسس قبل ثلاثة قرون على عقيدة التوحيد وظلت رايته الخضراء التي تحمل شهادة التوحيد ترفرف في سمائه الصافية أنه ظل دولة عربية خالصة من حيث حكامها وشعبها، وظل طيلة تلك الفترة الطويلة حرًا مستقلاً لم يخضع للاستعمار أو التبعية لأحد. إن يوم التأسيس يعني اليوم الذي تأسست فيه الهوية الوطنية السعودية، واليوم الذي تأسس فيها التراث السعودي، واليوم الذي تفاعل فيه تراب الوطن بإنسان هذا الوطن من خلال لوحة رائعة ترسم تلاحم الأرض والإنسان على ثرى هذه الأرض الطيبة التي ضمت بين أضلعها الحرمين الشريفين ومثوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تكمن أهمية هذا اليوم في كشفه للدور الريادي الوطني للمرأة السعودية التي ساهمت بقدر كبير في عملية تأسيس الكيان من خلال نسوة عتيدات خلد التاريخ أسمائهن أمثال زوجة الإمام محمد بن سعود نفسه، الأميرة موضي بنت سلطان أبو وهطان التي كان لها الفضل الأكبر في الجمع بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد بن سعود ، وغالية البقمية التي شبهها البعض بشجرة الدر، والشاعرة موضي بنت سعد بن عبدالله الدهلاوي، وحصة الحميدي الهذال التي أقيم من أجلها (مناخ حصة) المشهور في التاريخ عام 1238هـ/ 1822م، وغيرهن. إن الاحتفال بيوم تأسيسنا هو في جوهره تذكير بجذورنا الضاربة في عمق التاريخ، وبالمكان الذي أتينا منه، وكذلك بكيفية أن حاضرنا ومستقبلنا يذكراننا بأن كليهما مبني على أسس حضارية راسخة تشهد على أصالتنا. ولا شك أن الاحتفاء بيوم التأسيس يوفر الفرصة لأبناء الشعب السعودي العودة بالذاكرة إلى تراث وأمجاد الدولة السعودية الأولى التي بلغت أوج ازدهارها واتساعها في عهد الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود – يرحمه الله- (سعود الكبير) عندما كانت الدرعية العاصمة موئلا للعلماء ومركزًا تجاريًا واقتصاديًا وثقافيًا وسط الجزيرة العربية يؤمها الناس من كل فج عميق. كما يوفر لهم الفرصة للتعبير عن فرحتهم بإحياء هذه الذكرى العزيزة من خلال فرحة تعم البلاد بأسرها ، ومن خلال مظاهر التراث الشعبي والفولكلور وعروض الألعاب النارية - مع حصول الجميع في البلاد على يوم إجازة من العمل للاستمتاع بمباهج هذا اليوم. شكرًا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز المؤرخ الأكبر لتاريخ الدولة السعودية بأطوارها الثلاثة، ولسمو ولي العهد المحبوب الأمير محمد بن سلمان الذي يضيف للرؤية العديد من الإضافات التي تجعل من هذه الرؤية، وهي تحقق أهدافها يومًا بعد يوم، أكبر من حلم وأكثر من معجزة.