ملتقى السرد 21 وبعض شجن.!

ما تحفره في ذاكرة الناس من حُبّ يرسّخ، أو يبقى له بعض أثر؛ والكتابة لون من الحبّ تهديه للناس تتحرّك معهم، وتثير شجونهم؛ ولم يقتل الكتابة مثل التنظير الزائد في غير محله. ليتني أكتب كما أشعر، أبتسم، أو كما تنتابني لحظة حزن، الأمر صعب للغاية؛ صعب لأننا لا نريد أن نقتنع أن الكتابة فعل عفوي، يفترض أن تتدفّق كمياه النهر بما يختلجنا من مشاعر. لماذا إذن نقتل نصوصنا الإبداعية بحشد من المصطلحات؟! مجرد زوائد قرأناها وحفظناها، فنخدع أنفسنا بأنها تطرق القلوب؛ الناس وإن قرأت وتشابكت حياتها مع دخول عصر الرقمية، يجذبها لون سحابة شاردة في السماء، ونسيم عابر يقتحم نوافذها؛ هي من الحياة للحياة. انتابتني تلك الشجون على مدى يومين كنت فيها مشاركًا بورقة عن (أهازيج الحصاد) في ملتقى السرد 21 في النادي الأدبي الثقافي بجدة، والملتقى طرح عنوانًا مهمّا حول (التاريخ الأدبي والثقافي في المملكة العربية السعودية بين الشفاهية والكتابية). لا أتناول جلساته ومحاوره المثرية، وقد أفاض بها عدد من المجلات والصحف والوسائط وفي مقدمتها عزيزتنا مجلة اليمامة، ومع ذلك كان من الصعب تكميم تلك المشاعر، وأنت تشاهد أدباء من جيل شهد بعضهم بداية تأسيس الأندية الأدبية، إلى جانب عدد من الوجوه الأدبية الشابة يلتقون ويتبادلون الأحاديث تحت سقف واحد في مختلف ساحات الفندق. بينهم من توكّأ على عصاه يقوده الشغف والإيمان برسالة الأدب وإلى جانبه صديق العمر، وفي مشهد آخر يستوقفك حديث شابٌّ مقبل على ميدان الأدب يتفيّأ ظلاله، ولم تحجبه مغريات الوسائط الحديثة عن سطوة الحرف وجمال الكلمة المعتّقة المكتوبة. أكثر من ذلك حين تقابل شخصا مولعا بالأدب، ربما قطع المسافات ليحضر واحدا من منتدياته، أو يصارحك القول: أنه يتابع ما تكتب منذ زمن بعيد. للكلمات حياة وقودها الناس، وما يسطره يراعك بصدق وبساطة لا يغادر ذاكرتهم بسهولة؛ لذا علينا أن نكتب بعيدًا عن كل ألوان المكيجة ! أخيرًا بحثت عن فكرة أدوّنها تحت سقف ذلك الفندق الجميل الذي جمعنا، لكنها تعصّت، ولعلني سُبقت لها، لكنني في مقعد القطار إلى طيبة الطيبة وجدت ضالتي وكان هذا البوح.