الأسرة في الصحة النفسية المدرسية.

تمثل الأسرة الحاضنة الأولى التي يتلقى فيها الطفل خبراته وتجاربه الأولى النفسية والتربوية والتي لا تنتهي بدخوله رياض الأطفال أو المدرسة، حيث دورها يأخذ دورا تكامليا ومرتفعاً على مستوى سلم العلاقة مع دور المدرسة في مجال تحقيق الصحة النفسية للطالب، فمن خلال بوابة بث الروح الإيجابية في الأبناء مثلا. سيؤثر هذا النمط من السلوك على مجمل خطوط التربية بطريقة أو بأخرى على التكوين النفسي والاجتماعي والعقلي للأبناء ومن ثم في علاقتهم في البيئات الاجتماعية المختلفة التي يحتكون بها مع الاخرين من الاقران او سواهم من افراد المجتمع ؛ وهو الهدف الأعلى من أطر التنشئة الاجتماعية . الدور المتقدم للأسرة للأسرة دور متقدم ضمن سياق الصحة النفسية المدرسية في خط علاقتها مع المدرسة. واذا ما حاولنا الحديث عن كل خط من خطوط العلاقة بين البيت المدرسة من منظومة الصحة النفسية فإن فيه من السعة ما لا تتحمله هذه الاطلالة السريعة. وما سنشير إليه وباقتضاب ايضا الالماعة إلى دور الأسرة في سياق خط الدعم والمساندة للابن في مواجهة الأزمات والمشكلات؛ بلحاظ الفارق الثقافي والتعليمي من أسرة إلى آخرة في شأن تقبل أو رفض هذا المنحى من القيام بمقتضبات دورها في الدعم والمساندة. نعم دور الأسرة هنا مهم في إطار خط المساندة النفسية الناجحة للابن في حال التعرض للصدمات والأزمات النفسية التي قد يتعرض لها بسبب أو لآخر اثناء تفاعله ومشاركته الاجتماعية اليومية والتي قد تتحول في حال الصمت عنها وإغلاق ملفها من دون بذل الجهد في المساندة والمعالجة الامر الذي قد يحولها إلى مشكلة تتطلب المزيد من الجهد والرعاية. وعليه فالعمل على مساعدة الأبن في تجاوزها تعتبر من أهم الأدوار المنوطة بالاسرة من خلال وعيها وادراكها بأهميتها وأقل تلك المسؤوليات المنوطة بها هي مشاركة المدرسة بالمعلومة ذات الصلة بالمشكلة بما يساعد المدرسة في تذليل ومعالجة تلك العقبات ان كانت ضمن حيز المدرسة؛ أو تبصير الأسرة بمرافق ومؤسسات تقدم الخدمات المناسبة لحالة الطالب. وحيث أن الأزمة أو المشكلة قد تحدث دون توقع أو تخطيط؛ وبأن الفروق الفردية في التعامل معها مختلف من فرد إلى آخر؛ ومن أسرة إلى آخرة. لذا تتجلى أهمية الوعي في إدارة الصدمات والأزمات من قبل الأسرة عبر تعاونها وتواصلها مع المدرسة بغية بحث حيثيات المشكلة للعمل معا في مساعدة الابن على تجاوز الازمة. فحالة غياب الوالدين أو أحدهما؛ أو إصابة احد افراد الأسرة بعارض صحي أو وفاة؛ أو تعرض الابن للتنمر أو الاعتداء والتحرش وغيرها من المواقف التي قد يمر بها الأبن ينبغي التعامل معها بحذر من قبل الأطراف المعنية بالحالة وذلك للوصول بالحالة إلى مستوى الاستقرار والتهيئة النفسية والتي يختلف مستوى التدخل فيها من فرد إلى آخر تبعا لتجربته وخبراته التي اكتسبها من الأسرة أو المدرسة أو الاقران والمجتمع بشكل عام. نقاط الدعم والمساندة ويمكن ايجاز دور الأسرة في عملية الدعم والمساندة في الآتي : * تفهم المرحلة العمرية التي يمر بها الأبن وما يستتبع ذلك من إدراك خصائص النمو لكل مرحلة من مراحل النمو. * إتاحة الفرصة للابن في التحدث والحوار عن مشاكله؛ والتعبير عن احتياجاته والإجابة عن استفساراته وأسئلته التي تلح عليه وتؤرقه وذلك من أجل تخفيف معاناته وآلامه، تحفيزه و تشجيعه على التحدث عن تجاربه الإيجابية والسلبية فور وبعد حدوثها. * ملاحظة سلوك الأبن الطارئ ويأتي هذا ضمن أعلى سلم الأولويات في الإجراءات المهمة في عملية الدعم النفسي من قبل الأسرة. * حال حدوث سلوك غريب على الأبن لم تتعوده الأسرة منه، كالاهمال في أداء الواجبات المدرسية والتدني في المستوى الدراسي ؛ والغياب عن المدرسة دون عارض صحي أو سبب مقنع وهو سلوك متناقض تماما عن تاريخه الدراسي هنا فيجب أخذ ملاحظة هذا السلوك بعين الاعتبار وتفهمه والعمل على عرض الأسرة لتلك الملاحظات على المدرسة وعلى ذوي الاختصاص خصوصاً حال ملاحظة الانطواء على النفس وعدم مشاركة الأسرة في انشطتها الاجتماعية وهو السلوك الذي ما لم تعتده منه؛ أو العزوف عن مشاركة المدرسة في انشطتها المختلفة وهو المعروف عنه مساهمته ومشاركته الفاعلة في اي نشاط أو مشاركة مدرسية. في الخلاصة، لا يمكن تصور نجاح منظومة الصحة النفسية المدرسية بمعزل عن الأسرة وهو ما ينعكس إيجاباً على المستهدف من هذه المنظومة وهو الطالب. فالعلاقة المتوترة في البيئة الاسرية أو وفاة احد الوالدين مثلا ستترك أثرها (قوة أو ضعفا) بشكل مباشر أو غير مباشر وضمن المديات الزمنية) القصيرة، المتوسطة، البعيدة)، بالمقابل فإن العلاقة الإيجابية والمتكاملة ستسهم في زيادة فرص النمو النفسي والاجتماعي المتوازن في الأسرة ومن ثم في المجتمع المدرسي لينعكس ذلك النمط من السلوك على انجاز واداء الطالب، وبالتالي تحقيق الرضا والاطمئنان وهو ما تسعى إلى تحقيقه الصحة النفسية المدرسية في أهدافها العليا. * اختصاصي اجتماعي