إشكاليات التحكيم الأدبي.!

- في كثير من المسابقات الأدبية، تغيب المعايير النقدية الواضحة لتحل محلها الذائقة الشخصية لبعض أعضاء لجان التحكيم، مما ينعكس سلبًا على نزاهة النتائج. هذه الظاهرة تفتح المجال أمام المجاملات والعلاقات الشخصية لترجيح كفة متسابق على حساب آخر، بينما يُقصى آخرون دون إنصاف، الأمر الذي يثير تساؤلات حول عدالة التحكيم ومدى مصداقية الجوائز الأدبية. غياب معايير التحكيم وأثره على النتائج : تعتمد المسابقات الأدبية – في الأصل – على التقييم النقدي الذي يُبرز نقاط القوة والضعف في النصوص المقدمة، مما يضمن تكافؤ الفرص بين المشاركين. لكن في بعض الحالات، تُمنح الجوائز بناءً على انطباعات شخصية لا تستند إلى معايير واضحة، مما يؤدي إلى تهميش مواهب أدبية حقيقية كان من المفترض أن تحظى بفرصة عادلة. ويشعر بعض المتابعين أحيانًا بأن الجوائز لا تُمنح بناءً على الجودة الفعلية للنصوص، وإنما تتأثر بعوامل أخرى، مثل شهرة الأسماء المشاركة، أو التوجهات الفكرية السائدة، أو حتى العلاقات الشخصية داخل الأوساط الأدبية. هذه الإشكالية تجعل البعض يشكك في مصداقية بعض المسابقات، مما يفقدها قيمتها الأدبية على المدى الطويل. هل يكون تصويت الجماهير بديلاً أكثر عدالة؟ في ظل هذه الإشكالات، يطرح البعض فكرة الاعتماد على تصويت الجمهور كبديل أكثر إنصافًا، إذ يمتلك المتابعون القدرة على الحكم بناءً على الأداء والإبداع. لكن هذا الحل ليس مثاليًا، فالجماهير قد تميل إلى اختيار الأسماء الأكثر شهرة أو تأثيرًا عاطفيًا، بدلًا من تقييم جودة النصوص وفق معايير نقدية. ومع ذلك، يمكن أن يكون للجمهور دورٌ تكميلي في المسابقات الأدبية، بحيث يُخصص جزء من التقييم لرأي المتابعين، إلى جانب تقييم لجان التحكيم المتخصصة. بهذا الشكل، يتم تحقيق توازن بين الرأي النقدي ورأي الجمهور، مما يقلل من احتمالية الانحياز أو المجاملات. نحو تحكيم نقدي أكثر نزاهة. ولضمان عدالة التحكيم في المسابقات الأدبية، لا بد من وضع معايير دقيقة تُلزم لجان التحكيم بتقييم النصوص وفق أسس أدبية واضحة، بعيدًا عن الأهواء الشخصية. يمكن تحقيق ذلك عبر: 1. تشكيل لجان تحكيم متخصصة تضم أكاديميين ونقادًا معروفين بموضوعيتهم، وليس فقط شعراء أو كتابًا قد تتأثر آراؤهم بعلاقات شخصية أو ميول معينة. 2. وضع معايير تقييم واضحة تشمل عناصر مثل البناء اللغوي، الأسلوب، الأصالة، التأثير، ومدى تطابق النص مع شروط المسابقة. 3. إتاحة شفافية التحكيم من خلال نشر المعايير المستخدمة وشرح أسباب اختيار الفائزين، مما يعزز ثقة المشاركين والجمهور. 4. إدراج تصويت الجمهور كنسبة محددة دون أن يكون العامل الحاسم، بحيث يساهم في توجيه الجوائز دون أن يسيطر على القرارات. اخيراً :- غياب النقد الأدبي القائم على معاييره الحقيقية أفقد بعض المسابقات مصداقيتها، وأدى إلى خسارة أسماء أدبية موهوبة لم تجد من ينصفها. وإذا كان الهدف من الجوائز الأدبية هو الاحتفاء بالإبداع الحقيقي، فلا بد من إصلاح آليات التحكيم لضمان نزاهتها، بعيدًا عن المحسوبيات والاعتبارات الشخصية. إن المسابقات التي تتبنى معايير موضوعية وتحرص على العدالة، ستكون أكثر تأثيرًا واحترامًا في المشهد الأدبي، مما ينعكس إيجابًا على جودة الإنتاج الأدبي ويشجع المواهب الحقيقية على الاستمرار.