حامل الأنواء
إلى عميد التراث الأستاذ الدكتور حمد بن ناصر الدخيِّل في يوم زفافه الأدبي* لا نخل عندي فتجنيه، وترتفد ولا سنابلَ تسقيها، فتَحتصد لا شيءَ، إلا الفجاجُ العُفر كالحةٌ إلا الفدافدُ، إلا الحَزْن، والجَلَد(1) فكُفَّ غيثَك واحبس فيض غامره يكفي خدينَك - من نعمائك – الثمَدُ(2) إلى مَ تهطُل بالأنواء تسكبها على القفار، فتروى الهُضْبُ والوهَد؟ أنا اليباب، فماذا أنت منتظرٌ؟ أيخِصب الآلُ؟ أم يُستمطر الجَدد؟ أوقفه، بالله، وارفق بي، فلا عضد يقوى على صدِّه عني، ولا جلَد أقسى من الموت ما تَهمي عليَّ به وحين أطلُب ما أعطيك لا أجد * * * يا أيها المتواري في عباءته وكعبُه لجبين الشمس يستند سُدى ترقُّع أسمالي وتَنسُكها مطوِّلا قامتي، حتى م يا حمد؟ إذا التواضع أخفاني عليك فقف كيما نجسُّ يراعَينا وننتقد هنيهةً، نتقاضى، أيُّنا خفقت قِيثاره في المحاني؟ أينا الغرد؟ ومن تضيق الدوالي عن مناقبه؟ ومن لديه الجَنى؟ والفيءُ؟ والرغد؟ * * * عندي جُزازةُ، أبياتٍ مهلهلةٌ تخلخلت، خانَها المصراعُ والوتد إلا بقيَّة نبضٍ ندَّ من كبدٍ تقاسمَ الوجدَ فيها الأهلُ والبلدُ لولاه ما رفَّ – يومًا - بين أحرفها ميسٌ، ولا اهتز في أوزانها مَيَد ولا تموَّج في أردافها عبقٌ ولا تأوَّ د في أعطافها غَيَد هذا أنا، يا صديقي، محضُ قافية إذا سَمَت فهي - في أترابها - قَصَد أما رأيت كسيحًا، سار في جلب؟ أو بازلا أعرَجَ الساقين يجتلدُ؟ فكفَّ غيثَك عني، إنني رجلٌ مقوٍ، فلا شجرٌ عندي، ولا جَلَد() * * * يا صاحبي، شتَّ مسرانا خُطىً ومدىً وإن تعانق فينا الخِلبُ والكبِد وفرَّقت بيننا شُعرى أقمت بها وحُفنةٌ من ثرىً ما زلتُ أقتعد وفرقدٌ عشت مشدودًا بمفرِقه وحُفرةٌ صفصفٌ فوهاءُ أَلْتَحِد هناك أنت مقيمٌ فوق غاربه أما أنا فهنا في القاع ملتبِد إذا انتحتك قباب العلم ناشدة جدوى نداك، فأنت العون والسند وحين تزدلف الأقلامُ نابشة أمس الجدود فيُعييها، فلا ترد تجيء أنت - على مَهْلٍ- تَنخَّلُه وهم وراءك؛ ما خبُّوا، وما وخدوا يا حسنَ راحتَك العفراءَ نافضةً عنه الغبار، فيحيا سالفٌ وغد تختار ما تتشهَّى من لآلئه في راحتيك، فللهالات مُحتشَد * * * قل لي بربك هذا الفيضُ، تسكبه على العطاش معينًا ما له أمد من أين تمتحُه؟ من أيِّ غادية تمتارُه مددًا، يجري به مددُ؟ قل لي، فلستُ أرى، ما رفَّ في خلدي زهوٌ يجرِّره، في ذيله، فَنَد ولا رأيت فَراشًا في الضياء طغى ولا البحيرةَ يطفو فوقها زبد لكن رأيت خميلاً في الربيع نَثا وهالةً كضياء الفجر تتقد رأيت داليةً ترخي ذوائبَها خجلى بما وَهبت، حُبلى بما تلد تعيد مجد تراثٍ فرَّ من يدنا فكان يعتب فيه الوالدَ الولد ها أنت تحفر في أخفى خزائنه وما وهى لك؛ لا عزمٌ، ولا جلد ولا تشكَّيت ما أرهقتَهنَّ؟ ولا تورَّمت لك كفٌّ، أو وهى عضد * * * يا صاحبي، يا رفيق الحرف، يا وترًا تصحو على رجْعه الوديان، والنُّجُد يا جدولاً بنمير الحبِّ منسكبًا يروى بمنهله الصادي، ويبترد قف نبِّني، كم نَجيلٍ عشت تزرعُه حتى استطال نخيلاً؟ كم هو العدد؟ يا أيها المتعالي في تواضعه يكفيك أنك فيمن للعلى صعدوا باقٍ، على الدهر، ما أشعلت من وهَجٍ وإن مُجِلت، وفرَّى جَفنَك الرمد * (أُلقيت في حفل تكريمه في فندق مداريم كراون بالرياض يوم الأربعاء 1 نوفمبر 2023م)