فانوس من فوانيس الوعي والأدب.

الدكتورة بدرية البشر من الفوانيس التي أضاءت في زمن كانت الفوانيس قليلة وكانت الإضاءة مكلفة، في الوقت الذي كان للكلمة الشجاعة ثمن باهظ.. اجتماعيا وثقافيا. مارست ضوءها بقلمها في المقال والرواية والتأليف وبحضورها الشخصي في الإعلام. قبل ستة عشر عاماً تقريباً حمّلني أحد الأصدقاء رسالة من بدرية البشر إلى المرحوم محمد زايد الألمعي، كانت الرسالة نسخة من كتابها الشهير (معارك طاش ما طاش) لكني تهاونت لظروف كثيرة في تسليم الرسالة واحتفظت بالكتاب في مكتبتي. في العام التالي قابلت الدكتورة بدرية في الرياض في أحد معارض الكتاب.. كانت تجلس مع مجموعة من صديقاتها في بهو فندق الماريوت، فسلمت عليها وأخبرتها أن الكتاب ما زال عندي واعتذرت لها، فقالت خلاص الكتاب حلال عليك وأنا سأرسل للألمعي نسخة أخرى. في عام 2018 أكرمتني بدعوتي للظهور معها في برنامجها الحواري على شاشة تلفزيون ام بي سي في دبي للحديث عن كتابي “تغطية العالم” وغمرتني بلطفها ونبلها وكرمها. قبل سنتين قابلتها في حائل في فعالية لوزارة الثقافة بحضور الشاعر عبدالله الصيخان، وكانت كما هي بشوشة كريمة لبقة. بعد عودتي بأسبوع تلقيت منها رسالة على تويتر تعتذر فيها أنها لم تعرفني أثناء حديثنا في حائل.. بدرية نموذج للخلق الرفيع، وللشجاعة الخلّاقة، وهي اسم لامع وسيبقى لامعا ويستحق أجمل التقدير. واليوم هي فرصة لأقدم لها الشكر والامتنان، ليس على كرمها معي فقط، بل على ما قدمته للوعي والوطن والأدب بسخاء وذكاء وجرأة نادرة.