بعض يوم.

تجاهلتُ جرس الباب الذي دق للتو، كنت مع عائلتي زوجتي واطفالي الثلاثة، انغمسنا في لحظات عائلية شيقة؛ كنتُ أصرفُ المخصص الشهري على أطفالي واضيف إليه المكافآت بناءً على معايير وضعتها وأمهم سابقا، لمحتُ في عيونِهم ترقبًا واندماجًا أثناء إعلان النتائج، تلذذتُ بتلك الحالة ولا أريدُ أحدًا يقطعُ تلك اللحظات الممتعة. فجأة اتجهتُ إلى الباب لفتحه، جاء ذلك التصرف بإيحاء من زوجتي ووجد قبولا في داخلي! عندما وصلتُ إلى الباب وجدته مفتوحًا، لاحظتُ الآثار السيئة التي تركها عمّال الصيانة عند الباب، كمًا من المخلّفات كانوا يدوسونها بأقدامهم خلال عملهم، التصقتْ بالسيراميك وخلّفتْ منظرًا قبيحًا. خرجتُ باحثا عن الذي قرع الجرس، ولم أشاهد أحدًا. ناديت؛ من! ثم بصوت عال؛ ولم يجب أحد! لمحتُ بابي المنزلين المقابلين لمنزلِنا، السعيدين اللذين في نفس الدور؛ أحدهما كان بعد أن يتسلّمَ مرتّبه الشهري نقدا، يضعه في يدِ زوجته، مثلما هو تماما، حتى دون أن يعدّه، كان مؤمنا بها أيّما إيمان. وكانت في قمة الوفاء معه، حتى بعد وفاته عندما تزوجت من رجل غريب كانت كل بعد حين تعود إلى المنزل القديم لتتفقده. والآخر الذي كان يدّعي ضرب زوجته مرة واحدة كل أسبوعين، ويعتقد أن هذا الادعاء سيرفع قيمته أمام جيرانه، كبر هو وزوجته وأصبحا وحيدين يجمعهما الود بعدما تزوج جميع ابنائه. عدت إلى عائلتي لأخبرهم أنني لم أجد الذي قرع الجرس، لاحظت عدم وجود آثار لمخلّفات العمّال تلك، وكل شيئا كان نظيفا جدا. ولكن لم أجد عائلتي! لا يوجد سوى باب واحد للخروج وكنت أمكثُ في مجلس الضيوف المجاور له كحارس أمن. كيف خرجوا؟ أين ذهبوا؟! بحثت في الصالة والغرف والمطبخ والبلكونة، ناديت بأعلى صوت ولم يجب أحد! لا أعرف كيف عبر بهم الزمن وغادروا دون أن أراهم!