أيدي الظلام.

قال لي: كنت متكئاً في غرفتي الصغيرة محاطاً بالروايات والدواوين وكتب كثيرة بعضها على الأرض وبعضها فوق الأرفف.. وقريباً مني تتناثر أوراق مكتوبة وأخرى بيضاء، كنت أسجل أفكاري على الورق. أفكار جريئة كنت موقناً أنها ستثير ضجة كبيرة حين نشرها. فجأة غمر الغرفة ظلام دامس. ظلام محا تفاصيل الأشياء.. وأصبحت المبصر الأعمى. أحملق في الظلام فلا أرى إلاّ السواد في كل زاوية.. لم أعد أرى كتبي ولا أوراقي. غرقت في ظلام لجّي، امتدت أيدي الظلام إلى رأسي. أحسست أن أصابعها تضغط على صدغي.... وأن لساني ينكمش إلى حلقي. عيناي تؤلماني.. نفسي يضيق... أسمع أصوات أطفال تأتي من بعيد. أصوات باكية. الأطفال يخافون الظلام.. مثلي. مرّ الزمن بطيئاً... فجأة رأيت ضياءً واهناً يطرق زجاج النافذة يحاول الدخول إلى الغرفة.. أحاول أن أفتح له نافذتي لكني لا أستطيع. قدماي جبنتا عن الحركة. كان الطريق إلى النافذة محتلاً بالسواد. والسير إليها مخاطرة كبيرة قد تكون نتيجتها السقوط المؤلم. صبرت على اغتصاب الظلام. كان شعوراّ ثقيلاً على نفسي لكني صبرت. حين عاد الضياء إلى الغرفة. نظرت إلى أوراقي.. كانت أسطرا كثيرة مطموسةً بالأسود. حاولت أن أكتب كلمات جديدة لم أستطع شعرت بالعجز كدت أبكي لكني سمعت الأطفال يضحكون مبتهجين بعودة النور (ذهب الليل.. طلع الفجر.. والعصفور صوصو) فخجلت من فعلي.