دبلوماسية الصمت والحكمة.

نشطت الدبلوماسية السعودية خلال الأسبوع الماضي، وفق منهجيتها المتبعة في الاتزان السياسي، والعمل الفعلي على الأرض، دون أي حاجة للجوء إلى الضوضاء والصخب الذي يتّبعه البعض. وكان العمل الدبلوماسي يتم على المستوى العربي والدولي في كل الاتجاهات، فمن جهة العمل مع المجموعة الدولية فقد استطاعت المملكة حشد أغلبية الأصوات في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح إيقاف إطلاق النار في غزة. ومن جهة أخرى تناثرت الأخبار المتتابعة للتحركات والاتصالات المتبادلة بين سمو وزير الخارجية السعودي ونظرائه في المنطقة العربية وحول العالم . لقد تحول العمل في أروقة صناعة القرار في المملكة إلى خلية نحل لا تهدأ خلال الفترة الماضية، وكل ذلك من أجل حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة. تعيدنا هذه الأحداث إلى لقاء تلفزيوني للصحفي الراحل محمد حسنين هيكل يتحدث فيه عن (التأثير الصامت) للدبلوماسية السعودية، مؤكداً أن السعوديين مؤثرون فعلياً، ولكنهم يفضلون العمل بصمت! إنها مدرسة الصحراء.. حيث الأفعال قبل الأقوال، وانتقاد الأقوال المجردة التي بلا عمل، وتفضيل الاختصار و(الإيجاز) الذي جعلوه من ضمن البلاغة في لغتهم.. اللغة التي هي أداة التفكير الجمعي تتضامن هي الأخرى مع تصوراتهم ومزاجهم. الجدير بالذكر أن الإدارة الأمريكية، وكذلك الكثير من الدول المهمة في الاتحاد الأوروبي، باتوا في الفترة الماضية أكثر تنسيقاً مع المملكة العربية السعودية من أي وقت مضى، يؤكد هذا ما طالعتنا به قناة “ABC” الأمريكية نقلاً عن مسؤولين أميركيين من أنه (بعد تحذير السعودية “شديد اللهجة” للولايات المتحدة، واشنطن تضغط على إسرائيل لتضييق نطاق هجومها البري على غزة أو إيقافه). يصادق على خبر قناة “ABC” ما أعلنته إسرائيل في الأيام الماضية عن نيتها التريث في الاجتياح البري لـ “دراسة الخيارات” أو “تقييم الوضع” كما تقول. إن موقف القيادة السعودية يأتي انعكاساً لنبض الشارع السعودي الذي اعتاد أن يكون ضد الظلم والقهر والطغيان، وترسيخاً للمباديء والقيم التي قامت عليها دولتنا الرشيدة.