وَسَنٌ في كَرْمِ أبي نُوَاس !

يا فِكْرَةً لَمْ يَسَعْها الفَنُّ أكْوانا وَلَمْ تَجِدْ لِمَقَامِ البَوحِ عُنوانا تَضِجُّ كَالسِّرِّ في أعماقِ مُؤتَمَنٍ وَتَنْتَهِي في سُفُوحِ الصَّمْتِ جُثمانا مَغْمُورَةٌ في وِشَاياتِ العُيونِ ! إذا تَقَلَّبَتْ نَبَّهَتْ في الحَيِّ أعْيانا كَلَمْسَةٍ ... تُوقِظُ العُنْقُودَ عابِرَةً وَتَنْثَنِي هَفْوَةً تَبْتَزُّ إنسانا أسِيرُها في قُيُودٍ مِنْ تَرَدُّدِهِ بَينَ الأوَابِدِ ما يَنْفَكُّ ظَمآنا ذاكَ الشَّقِيُّ بِمَسْعَاهُ الذي انْفَتَحَتْ في ضفَّتَيْهِ رِحابُ الحَتْفِ أجفانا يُحَاوِلُ اليَومَ لَكِنْ لَيْسَ يُسْعِفُهُ وَقْتٌ تَصَرَّمَ دُونَ القَصْدِ أشجانا خَيَالُهُ يَخْضِبُ المَعْنَى وَغَايَتُهُ أدنى إلى القَومِ جَسُّوا اللَّيْلَ رُهْبانا كَأنَّما سَألَ السُّمَّارُ عَنْ خَبَرٍ في ناظِرَيْهِ فَقَصَّ الكَرْمُ ما كانا اليُتْمُ رايَتُهُ العَفراءُ ! راوَدَها سِحْرُ الحُداءِ فَصارَ التِّيهُ سُلوانا وَحِينَ مَدَّ إلى قَلْبِ البَياضِ يَداً تَنَاوَلَتْ هاجِساً يَنْسابُ ألوانا وَكَمْ تَنَبَّأ لَكِنْ حِينَ وَارَبَهُ هَمْزُ الهُلامِ ثَوَى لِلذَّاتِ حَيْرانا وَأنْتِ في مُنْتَهى الغَاياتِ دَالِيَةٌ تَقْتَادُ مِلْءَ مَدَى الأشواقِ رُكْبانا تُسَاوِرينَ مَدَاراتِ القَصيدِ وفي رُؤياكِ ما يَكْتُبُ الأوصابَ غُفْرانا فَمَا تَلَعْثَمَ إلاّ شاعِرٌ زُجِرَتْ لَهُ القَرِيحةُ شيطاناً فَشَيطانا رَآكِ حَقّاً ! رأى الإفصاحَ في لُجَجٍ مِنَ السُّكُوتِ يَشِي بِالرَّمْزِ تِبْيَانا تَذَكَّري ... يُزْهِرُ المَوَّالُ في وَجَعٍ خَصْبٍ فَتَتَّسِعُ المأساةُ بُرْهانا هِيَ الدَّوائِرُ ! شَيْءٌ مِنْ تَدَاوُلِها يَنْتابُنا فُرصَةً أخرَى وَرَيْعانا يُفْضِي إلى الدَّرْكِ مِنْ أوزارِنا ! جَمَحَتْ بِالآدَمِيَّةِ أرواحاً وَأبْدانا تَذَكَّري ... كُلُّنَا رَهْنٌ بِشَارِدَةٍ مِنَ التَّهَافُتِ يَطْوِي عُمْرَ أسْرانا فَبَادِرِي بِصَرِيحِ الدَّاءِ مُلْتَمِساً طِبّاً وَلا تَعْذِلِي في الرَّاحِ رَيَّانا