تزوج أو لا تفعل في الحالتين ستندم! يبقى الزواج واحداً من أكثر العلاقات الإنسانية تعقيداً على الإطلاق والذي يجعلك وفقاً لقرار قد تتخذه في لحظة عاطفة أو حتى منطق مقيداً داخل منظومة تسمى الزواج لبقية عمرك، خاصة حين تتمخض تلك العلاقة عن أطفال في وقت مبكر من بدء العلاقة مما يجعلك مرتبطاً بهذه الأسرة إلى الأبد سواء بقي الخاتم في إصبعك ام اخترت أن تخلعه. لا غنى للرجل عن المرأة ولا غنى لها عنه، إلا أن الظروف التي نشأ فيها كل منهما تتحكم بشكل الحياة بينهما، وأستثني من ذلك الفترة الوردية، تلك المدة الزمنية المشحونة بكيمياء الحب، والتي لا تفسح المجال للزوجين أن يكتسبا تلك المعرفة عن بعضهما، ويا سيدي.. سواء فعلا أم لا؟ فالحياة تتقلب ونحن نتغير كل يوم، ومع مرور الأعوام نتغير ونصبح أشخاصاً أخرين شكلاً ومضموناً، وقد نجد أنفسنا للحظة أمام شريك نعرفه جيداً لكنه يبدو غريباً، وهذا يحدث طوال الوقت، قرار تداخل حياة رجل وامرأة مع بعضهما البعض قرار خطير، واستمراره لزمن طويل يعني وجود طرف واحد حكيم على الأقل بالضرورة، وأكثر ما قد يمنح هذه العلاقة استمراريتها وجماليتها المسافة أو الدائرة التي يفسح كل من الطرفين للآخر ليتمدد فيها دون أن يشعر أنه أصبح مملوكاً بموجب صك شرعي للآخر، يحتاج المقبلون على الزواج حديثاً دخول دورات مكثفة، تتم فيها تهيئة كل طرف لدخول هذه الحياة الجديدة، فالأسرة هي النواة الأولى التي يتكون منها المجتمع الجيد، قبل ما يزيد عن ٣٠ عاماً كانت نسبة الطلاق قليلة جداً ربما لأن القرار لم يعد يتعلق بطرفين بل بعائلتين وأطفال كذلك، لكن في الفترة الأخيرة أصبحت المدة ما بين عقد القران والانفصال قد تصل إلى أشهر لمبررات كثيرة منها المنطقي وكثير منها يتعلق بقشور لا أهمية لها. العلاقة الإنسانية الأكثر قدسية بدأت تفقد الكثير من قدسيتها وبدأت تدخل هي الأخرى تحت بند المحتوى، لتكون الكثير من التفاصيل منشورة على حبل الجيران ويراها الجميع، وهذا يغذي المقارنات والانغماس في الاهتمام بالمظهر دون العمق. ماذا لو كان لعقد الزواج مدة انتهاء يتم تجديد العقد بعدها وفقاً لرغبة الزوجين؟ مثلها مثل رخصة القيادة وبطاقة الهوية الوطنية او جواز السفر! الزواج هو الشكل المتحضر للعلاقة بين رجل وامرأة، وهو الحاضنة التي تنشأ فيها البذرة الأولى لمجتمع جيد، ومن الزواج الجيد يخرج البشر الأسوياء، ووجود نسبة كبيرة من البشر يعانون من مشاكل نفسية سواء أدركوا ذلك أم لم يفعلوا، دليل على وجود خلل كبير أو شرخ في هذه المؤسسة، الشيء المحبط في هذا الموضوع هو أنه لا يمكن التنبؤ بنجاح العلاقة وتوافق الشركاء مهما كانت طريقة التعارف سواء كانت تقليدية أو عاطفية، يبقى الرجال والنساء وإن كانوا من نفس النوع الا أن كلاً منهماً مختلف عن الآخر تماماً بيولوجياً وفكرياً ونفسيا، والأهم أن كل طرف قادم من بيئة مختلفة تماماً عن الآخر، غرست فيه ما غرست، وتركت فيه الكثير من الأشياء التي لا يمكن أن تسقطها عنه الأيام والعشرة، الاقتراب من البشر وخوض العلاقات اللصيقة مغامرة جريئة، والزواج واحد من أغرب المغامرات التي يندفع إليها المرء مدفوعاً بأحلام الأبوة أو الأمومة والاستقرار أو الاستقلال عن العائلة، إلا أن هذه الحياة لا تصلح للجميع ولا يمكنها أن تصلح في الانسان ما فسد مسبقاً وهذا واحد من أهم استخدامات الزواج في مجتمعنا “زوجوه يعقل” .. وبرأيي يجب خوض التجربة دون المغامرة بإحضار أرواح بريئة إلى الحياة في وسط غير مؤهل للعناية بهم، فالمتجمع مليء بأولئك الذين سحقت أرواحهم وقصت أجنحتهم الصغيرة من قبل آبائهم، الخلاصة جميع العلاقات تحتاج إلى حكمة، إنما الزواج يحتاج إلى الكثير منها، فالزواج الناجح هو صرح لابد أن يعاد بناؤه كل يوم.