افتتح الدكتور عائض الردادي محاضرته بمقولة عابد خزندار عن عاتق البلادي: “كان أستاذنا الكبير محمد حسين زيدان يصف مجتمعنا بأنه مجتمع دفان، وهو يعني أننا ندفن أصحاب المواهب في بلدنا ،وقد نكتب عنه كلمة رثاء،كما نفعل الآن عندما يتوفاهم الموت، ثم بعد ذلك ننساهم إلى الأبد، مع أنه أنشأ موسوعة علمية قلّ أن يوجد نظيرها ليس في المملكة فحسب، بل على مستوى العالم العربي كله” . وأوضح أنه أورد هذا الاستدلال لأنه يكشف الجحود الذي لحق بعاتق البلادي في حياته وبعد مماته،مع ما له من فضل في تاريخ بلادنا وجغرافيتها وأنسابها. جاء ذلك في محاضرة بعنوان” عاتق البلادي علامة الحجاز بين الجحود والإنصاف”،قدمها في “دارة العرب”، وأدارها د. عبدالرحمن المديرس، يوم السبت 11 رجب 1446هـ الموافق 11 كانون الثاني (يناير) 2025م. وقال: إن عاتق البلادي علم من أعلام الثقافة في بلادنا، وإنه لم يعتمد على النقل عن العلماء القدامى، بل وقف على كثير من المواضع وحددها ووصفها بما هي عليه الآن، كما هو واضح في مؤلفاته. وأوضح أن الدارسين لم يعطوا هذا العالم حقه من الدراسة والعناية بإنتاجه العلمي، وحسبه أنه ترك إرثًا من العلم يرقى للدراسة، فضلًا عن التراث الذي تركه للأجيال، جغرافيًا ومؤرخًا ونسابة. ثم ذكر ذكر شهادات بعض الأعلام عن البلادي، ومنها كلمة صاحب المعالي الأستاذ محمد عبده يماني، رحمه الله، الذي أبرز جهوده العلمية وتحدث عن صفاته الشخصية النبيلة، كما ذكر تكريم نادي مكة الأدبي لعاتق البلادي لما له من فضل بما قدمه من علم ومؤلفات وأبحاث أثرت المكتبة. ثم تحدث عن أبرز مؤلفات البلادي وقال: إن “معجم معالم الحجاز”،الذي صدر في عشرة أجزاء، هو من أفضل مؤلفاته، وصحح فيه ما وقع فيه السابقون من أخطاء، وكشف في مقدمته أنه قام بأكثر من ستين رحلة في سبع سنوات؛ للوقوف على المعالم التاريخية لتأليف هذا المعجم، وذكر أن الطبعة الثانية من هذا الكتاب كان يعتزم نشرها قبل وفاته بعد تنقيحه. وأضاف المحاضر أن البلادي جعل مكة المكرمة مركز انطلاقته في رحلاته شرقًا وغربًا وجنوبًا، كون فيها وصف الأماكن والتعريف بها تعريفًا حديثًا وضمنها ما ورد في كتب الأقدمين، ثم قدم نبذة عن مؤلفاته التاريخية عن مكة المكرمة، كما استعرض رحلاته في مختلف أماكن جزيرة العرب وما كتب عنها. كما تحدث عن كتاب “معجم قبائل الحجاز”، وكتاب “معجم قبائل الجزيرة العربية المتفقة اسمًا والمختلفة نسبًا”، وأوضح المحاضر أنه لو بقي عاتق البلادي إلى زماننا لرأى في وسائل التواصل الاجتماعي العجب العجاب من الأدعياء في علم الأنساب. وقال المحاضر: إن من أنفس ما كتبه البلادي كتاب “على ربى نجد” ، ذاكرًا ديارها في الجاهلية والإسلام، وقد ألحق بالكتاب معجمًا تاريخيًا وجغرافيًا، وفي إطار اهتمامه في المعجمات يأتي كتابه “المعالم الجغرافية في السيرة النبوية”، وهو معجم يحوي جميع المواضع التي وردت في كتب السيرة النبوية، موضحًا أن أهم الكتب التي تركها في التصويبات “كتاب المصحح في تاريخ مكة المكرمة” وفيه تناول جلّ ما كُتب عن مكة بالتصحيح والنقد، وكتاب “محراث التراث” وكتاب الإيضاح” وهو تصحيح لما جاء في المؤلفات الحديثة عن بلادنا في العصر الحديث، مصححًا ما فيها من أخطاء وهو من أنفس كتبه. وقال إنه ترك 42 كتابًا منها ما هو في جزء ومنها ما هو في عدة أجزاء، وأن الوقت لا يتسع للحديث عنها، لكنه قدم إطلالة سريعة عن مؤلفاته، ثم ذكر جهوده في عملية النشر، وإنشائه ل(دار مكة للطباعة والنشر)، التي طبع فيها كتبه وكتب غيره، ووصفها بأنها تعنى بتراث وتاريخ جزيرة العرب، مستغربًا من عدم تكريمها ضمن دور النشر التي كُرمت في معرض الرياض للكتاب. وعن مكتبة البلادي الخاصة أوضح المحاضر أنه أوصى بها لمكتبة الحرم المكي الشريف، التي قامت بفهرستها وعرضها للباحثين، ثم تحدث عن تكريمه في اثنينة عبدالمقصود خوجه وحصوله على جائزة أمين مدني عام 1423هـ عن بحثه “ خيبر الحصون والنخيل” ، وأُطلق اسمه على أحد شوارع جده في عهد أمينها المعلمي، واستغرب من عدم وجود اسم شارع في مكة باسمه التي جعلها محور اهتمامه، طالب بالمبادرة بتسمية أحد شوارعها باسمه تكريما وتقديرا لما قدمه، ودعا في الختام إلى العناية بتراث البلادي وتكريمه. ثم فُتح المجال للمداخلات والأسئلة التي أثرت الموضوع، وتفضل بالرد عليها.