عرفت الأستاذ إبراهيم الناصر احمد الحميدان في وقت مبكر، إذ كان يكتب المقالات الثقافية والاجتماعية إلى جانب نشره القصص والروايات، وعرفته عندما كان رئيساً لتحرير مجلة (ندوة المواصلات) عام 1382هـ. وقد ازدادت معرفتي به مؤخراً بعد استقراري بالرياض عام 1401هـ بالنادي الأدبي. بعد انتقال عملي لمكتبة الملك فهد الوطنية دعوته لزيارتها والتسجيل معه ضمن برنامج التاريخ الشفوي فاستجاب مشكوراً بتاريخ 28/11/1419هـ وعلى مدى ثلاث ساعات سرد أهم المحطات في حياته، وقد طلبت منه ملخصاً لها بخط يده فوافاني بالمختصر المفيد. قال أنه لا يحمل من المؤهلات سوى الابتدائية والمتوسطة. وقال : «عملت لأكثر من عشرة أعوام لدى المؤسسات والشركات الأهلية، وكذلك حوالي عشرة أعوام في وظائف حكومية، ثم انتقلت من جديد إلى القطاع الأهلي فعملت لدى بنك الرياض حوال 23 سنة متواصلة. كأي رجل عصامي اعتمدت على نفسي في التثقيف واكتساب المعرفة حتى تحقق لي أكثر مما توقعته، فمارسة الكتابة الصحفية ثم الأدبية، وألفت أكثر من عشرة مؤلفات إبداعية ما بين القصة القصيرة والرواية، وما زالت لدي بعض الأعمال التي لم أطبعها وأرجو أن أتمكن من ذلك قبل التوقف النهائي عن الكتابة إن شاء الله. لي ثمانية أبناء ما بين ذكور واناث، أربعة منهم تخرجوا والباقون في حقل الدراسة». ثم استعرض اعماله الإبداعية بدءاً من مجموعته القصصية ( أمهاتنا والنضال) 1380هـ 1960م وحتى روايتي ( الغجرية والثعبان العاشق ) و (دم البراءة) عام 1420هـ 2000م ومن خلال ما سرده وما كتبه في كتابه الجديد ( غربة المكان.. صفحات من السيرة الذاتية) ط1 السمطي للطبع والنشر، القاهرة 1430هـ 2009م. ولد في الرياض، وعاش طفولته وشبابه المبكر بين الزبير والبصرة بالعراق، لكون والده يعمل بالتجارة بين المملكة والكويت والعراق . وفي صغره بدأ يطالع بعض الكتب في مكتبة جدة، فنسخ ما يشبه قطعة استهوته.. فتركها ليقرأها والده. الذي أعجب بها، وأبلغته والدته بهذا الإعجاب، فاعتبره أول مديح أدبي يسمعه، فبدأ يقرأ القصص الدينية فالكتب الروسية المترجمة وبالذات الروائية. انتقل مع والده إلى (البصرة) حيث يعمل فدخل مدرسة تحفيظ القرآن فالمدرسة الابتدائية، فكان ينفق مصروفه في شراء الكتب والصحف ويتابع ما ينشر للشعراء العراقين من قصائد: بحر العلوم والبياتي والسياب والجواهري. انتقال للعمل في المملكة (الظهران) حيث شركة (أرامكو) فواصل تعلمه وبالذات للغة الإنجليزية، فتعرف على جريدة الخليج العربي ورئيس تحريرها عبدالله الشباط. انتقل من أرامكو إلى شركة (التابلاين) بـ (رأس مشعاب)، انتقل بعد ذلك للعمل في المستشفى العسكري بالرياض والدمام، وبدأ ينشر المقالات والقصص القصيرة. بدأ يجمع قصصه المنشورة في وقت مبكر، وأصدر أولاها تحت عنوان : (أمهاتنا والنضال) وذلك في حدود على 1380هـ/ 1960م. عرض عليه الانتقال لوزارة المواصلات ليرأس تحرير مجلتها الشهرية : (ندوة المواصلات) انتقل بعدها لوزارة التجارة. ولندعه يذكر لنا ما تبقى في الذاكرة بعد مرور خمسين عاماً عليها أو أكثر : «.. كانت علاقتي بالصحافة قد بدأت منذ وقت مبكر قبل التحاقي بالعمل بالمستشفى العسكري عندما وقعت في يدي صحيفة محلية عنوانها: (الخليج العربي)، لأن قراءاتي جاءت تأثراً بخالي الذي كانت تتركز هوايته، على قراءة الصحف التي تأتي من الخارج وهي المطبوعات اللبنانية والمصرية بصورة خاصة. كانت الجريدة فقيرة المادة تعالج مواضيعها بتهيب وإن لفت نظري اهتمامها بالشأن العمالي. وكان هناك أكثر من كاتب يستعملون أسماء رمزية. وقد قررت بخطوة جريئة أن أزور إدارة الجريدة وأتعرف على العاملين فيها، وفعلا ذهبت إليها وتعرفت على رئيس تحريرها وهو الأستاذ: عبدالله أحمد شباط الذي ما زال يكتب – وقتها - في جريدة اليوم، وقد ابديت رغبتي في التعاون مع الجريدة فأظهر ترحيبه وهذا ما تم إذ بدأت أكتب في الصحيفة مواضيع اجتماعية مختلفة ثم تطور التعاون عندما أوكل إلي الإشراف على الصفحة الأدبية التي تقرر بأن تصدر اسبوعياً، وعن طريق الجريدة، تعرفت على بعض كتابها وأشهرهم : الأخ (عبدالعزيز مؤمنة) الذي كان يعيش ما بين جدة وبيروت و(أحمد طاشكندي)، وهو متقاعد ويقيم في مدينة الرياض حالياً ثم الصديق ( خليل الفزيع) وهوعضو فاعل في نادي المنطقة الشرقية. كان قبلها مسئول التحرير بجريدة اليوم لفترة طويلة كما عمل في مطبوعات في الخليج فترة من الزمن، ومن هذه الجهة انطلق تعاوني مع الصحف المحلية الأخرى لأن التواصل مع صحافتنا المحلية صعب جداً حينذاك لضعف الإمكانيات البريدية ووسائل الاتصال بصورة عامة، وقد تركزت أكثر مشاركاتي مع صحيفة (القصيم) لصاحبها المرحوم: (عبدالله العلي الصانع) وكان يرأس تحريرها الصديق (عبدالعزيز عبدالله التويجري). ترجم له الدكتور عبدالعزيز السبيل في (قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية) ج1، ط1، 1435هـ دارة الملك عبدالعزيز. «قاص وروائي ظل ثلاثة عقود يوقع كتاباته بـ (إبراهيم الناصر) وفي نهاية الثمانينات أضاف أسم العائلة الحميدان .. تعود أصوله إلى مدينة جلاجل في إقليم سدير وسط نجد (...) عمل في شركة أرامكو وشركة التابلاين، ثم دخل الوظائف الحكومية، بدأها بوزارة الدفاع، وتحديداً المستشفى العسكري، ولعل روايته ( سفينة الموتى) تعكس تجربة تلك الفترة، ثم انتقل لوزارة المواصلات، ومنها إلى وازارة التجارة والصناعة، التي غادرها عام 1966م إلى العمل في القطاع الخاص حتى عام 1992م إذا تفرغ للكتابة والتأليف. حين يكون الحديث عن السرد في المملكة، فإن اسم إبراهيم الناصر سيكون الأبرز، ولعله أكثر الكتاب إخلاصاً ومثابرة لهذا الفن الإبداعي بنوعيه الرواية والقصة القصيرة.. حصل على عدد من شهادات التقدير.. وحاز على درع الريادة من المؤتمر الثاني للأدباء السعوديين وجائزة المفتاحة لريادته في الكتابة السردية. كما تم تكريمه في ناديي جدة وأبها الأدبية، يركز الحميدان في معظم أعماله في رصد التغيرات التي طرأت على المجتمع ، مع حنين إلى المجتمع القديم، الذي تصوره أعمال الحميدان بأنه يمثل البراءة والطهر والصدق، خلافاً للمجتمع الجديد بثرائه وبعده من القيم (....) وروايات الحميدان تقريباً تركز في موضوع التحول الاجتماعي والاقتصادي بمستوياته المختلفة ... أما روايته ( سفينة الموتى) فتدور أحداثها في مستشفى حكومي بالرياض، خلال الخمسينيات، وتصور صراع البطل القومي الثائر مع قيم المجتمع التقليدية.. وقد حصلت نورة المري على شهادة الماجستير في ( ملامح البيئة السعودية في روايات إبراهيم الناصر الحميدان ( كلية اللغة العربية ، جامعة أم القرى 1422هـ)، وقد أصدرها نادي تبوك الأدبي. وتناول بشكل تفصيلي ناصر الجاسم في اطروحته للماجستير ( صور البطل في روايات إبراهيم الناصر الحميدان) كلية التربية، جامعة الملك فيصل 1420هـ ( ...) إلى جانب الكتابة الابداعية، كتب الحميدان سيرته الذاتية في كتاب (غربة المكان) القاهرة دار السمطي 2009م. وأسهم في عدد من الأعمال الإذاعية والتلفازية..». كما ترجم له في ( موسوعة الشخصيات السعودية) لمؤسسة عكاظ للصحافة والنشر، ج1، ط2، 2013م. وترجم له في ( دليل الكتاب والكاتبات) جمعية الثقافة والفنون ط3، 1995م. وترجم له في ( دليل الكتاب والمؤلفين في المملكة) الدائرة للإعلام ط2، 1993م . وقد رتب تواريخ صدور أعماله حسب التالي : امهاتنا والنضال – مجموعة قصصية 1380هـ 1960م. ثقب في رداء الليل – رواية 1381هـ 1961م. ارض بلا مطر، مجموعة قصصية 1385هـ 1965م . سفينة الموتى في الطبعة الأولى ثم استبدل العنوان إلى سفينة الضياع – رواية 1389هـ 1969م. غدير البنات – مجموعة قصصية – 1397هـ 1977م. عذراء المنفى – رواية 1398هـ 1978م غيوم الخريف – رواية 1398هـ 1978م عيون القطط – مجموعة قصصية 1414هـ 1994م رعشة الظل – رواية 1414هـ 1994م نجمتان للمساء. مجموعة قصصية 1419هـ- 1999م الغجرية والثعبان العاشق – رواية 1420هـ 2000م دم البراءة، نادي جازان الأدبي – رواية ، 1421هـ 2001م. العذراء العاشقة : الرياض جمعية الثقافة والفنون. مجموعة قصصية 1425هـ 2004م. حيطان الريح – مركز الحضارة العربية القاهرة – رواية 1424هـ 2004م. وصدر له مجلد الأعمال القصصية الكاملة عام 1425هـ 2004م وتضم المجموعات التالية : امهاتنا والنضال، وارض بلا مطر، وغدير البنات، وعيون القطط، ونجمتان للمساء، والعذراء العاشقة. وقدم لها عبدالله السمطي ومما قاله : « يقدم إبراهيم الناصر الحميدان القاص والروائي في قصصه لوحة إنسانية تعمق سؤال الوجود، وسؤال الإنسان بالأحرى، وهو حين يقدم ذلك إنما يشير إلى هذه الذات التي تغتبط بفكرتها، وبإيلافها الشاف لتحولات الحياة، ومحبة الجمال، وعشق الحرية التي لا ينقطع فيضها، بل يتجدد ويتكاثر، ويسمو نزوعاً إلى عالم أنقى.. وأكثر ثراءاً في تفاصيله، وكينونته، وأحلامه، ورؤاه المخايلة». توفي رحمه الله بالرياض يوم الجمعة 6/ ربيع الآخر 1434هـ الموافق 8 مارس 2013م.