زيارة سمو ولي العهد لأمريكا:

تتويج لـ 80 عاماً من العلاقات.

بدعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان سمو ولي العهد منتصف هذا الأسبوع نجم الصحافة ومحطات الأخبار العالمية في زيارة رسمية للولايات المتحدة الأمريكية وصفت بالتاريخية، الزيارة التي قال عنها الرئيس ترامب نفسه: «إنها تكريم للمملكة». وهنا لن نستعرض ما تم في هذه الزيارة من توقيع لاتفاقيات عدة ونوعية، فهذا قد تم تداوله بكثرة، وإنما سننظر من خلال عبارة ترامب حين قال عن الزيارة: إنها تكريم للمملكة! التكريم في هذه اللحظة من عمر التاريخ، وفي مثل هذه الأوضاع الجيوسياسية المعقدة في المنطقة، ومن رئيس أكبر دولة في العالم، كل ذلك له دلالاته الممتدة؛ فالرئيس الأمريكي نفسه علق في تصريح مماثل بأن الإدارة الأمريكية السابقة، ويقصد إدارة الرئيس بايدن، لم تعرف حجم المملكة الحقيقي وتأثيرها في أسواق الطاقة العالمية. هنا الرئيس ترامب رأى في المملكة عدة أشياء، بعد أدائها الدبلوماسي الناجح، ومساهماتها في جهود إرساء السلام والاستقرار حوال العالم، لقد رأى فيها الحليف القوي الحازم الذي حتى وإن اتخذ موقفاً حيادياً في بعض الملفات فيكون حياداً إيجابياً، وإذا كان وسيطاً فيكون من نوع الوسيط الموثوق. هذا الموقف الثابت والواضح والقوي للمملكة هو ما جعل الرئيس ترامب يرى فيها أنموذجاً للسياسة الحازمة والواضحة والتي يريد هو نفسه انتهاجها في بلده لمواجهة العديد من المشكلات التي لا تزال تنتظره على طاولته في البيت الأبيض. هذه اللحظة التاريخية هي تتويج ثمانية عقود من العلاقات السعودية الأمريكية، منذ أن رأى روزفلت على ظهر السفينة كوينسي في الملك عبدالعزيز آنذاك ما رآه دونالد ترامب في محمد بن سلمان اليوم، منذ ذلك اليوم إلى اليوم ترى أمريكا في المملكة الشريك المثالي والقوي، وبرغم ما مرت به العلاقات بين البلدين من عواصف، إلا أن عمق تلك العلاقات ظل أقوى من كل شيء، واليوم تتوسع وتتعمق تلك العلاقات لتجاوز المنحى التقليدي للاتفاقيات الثنائية البينية إلى نوع من العلاقة الاستراتيجية التي باتت تجمع البلدين بعد أن تبلورت جيداً في تصورات القيادتين معاً.