أدركــوا القـوم. 

هذه الجملة (الطلبية) كثيراً ما استعملها العرب ، واللغةُ في أوجِ عطائها، وذُروةِ توهجها  ولأنها مَعينهم ومُعينهم في إلقاءِ الحجة، وإبداءِ الرأي، وفصل الكلام، وفض المنازعات  بل وحتى في رسائل الحرب والسيوف تقطر دماً.. كانت تلك الرسائل تحمل مثل هذه الألفاظ الحادة، والمعاني التي تقع كالسهام؛ وذلك في سبيل الحل والربط، والإقناع والتحذير، والمنازعة والنصح والإيضاح، وغيرها الكثير من الأغراض في هذه اللغة الزاخرة.  وبمثل هذه الإستخدامات انطلق (ضمضم الغفاري) حاملاً رسالة أبي سفيان لقريش ينذرهم خبر محمد وأصحابه في إعتراضهم قوافلهم، وهتف بعد أن شقَّ قميصه، وتحوّل على دابته «يامعشر قريش اللطيمة اللطيمة (أدركوا القوم) قوافلكم وأموالكم في يد محمد وأصحابه!». مثل هذه المواقف وعبر التاريخ العربي ووقائعه ومحيطه الاجتماعي الواسع الناصع كثيرا  ما استخدم مثل هذه الجمل الطلبية ، ولأنَّ الأمرَ عظم ، والخطبَ ازداد نحتاجها اليوم أكثر من مرور قافلة ، وأعظم من إدراك مال، فحربنا اليوم حرب شعواء مع ظاهرة غزت البيوت، وأسرت الكثير من الشباب حتى استسلموا لها، وتألفوها وألفوها وهي (ظاهرة القزع) فلا رادعٌ ديني، ولا وازعٌ اجتماعي يصدهم عن هذا (التشوه البصري) الذي أصبحنا نراه كثيرا كثيرا (فأدركوا القوم) بالمناصحة والتذكير بقول خير البشر محمد صلوات الله وسلامه عليه فيما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: «نهى رسول الله ﷺ عن القزع»، متفق عليه. وعنه قال: «رأى رسول الله ﷺ صبيًا قد حلق بعض شعر رأسه وترك بعضه فنهاهم عن ذلك، وقال: احلقوه كله، أو اتركوه كله، رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم.