العرف القبليّ ونفعية الميديا.
فُطِرَ الإنسانُ على الجماعةِ وروحِها والتعايشِ مع أنساقِها المعرفيةِ المتواجدةِ بفعلِ ما يفرضُهُ ويؤسسُ لهُ العرفُ القبليُّ المختلِفُ مضمونًا من قبيلةٍ لأخرى وهي حالٌ يشهدُ بتواجدِها التاريخُ البشريُّ منذ التكوينِ القبليِّ على وجهِ هذهِ البسيطةِ والمدللِ عليه بما تركَهُ الإرثُ السابقُ من شواهدَ برهنتْ على حاجةِ الإنسانِ الماسةِ للانضمامِ تحت ظلالِ المجتمعاتِ القبليةِ وفي هذا اتفاقٌ تامٌ مع الآيةِ الكريمةِ الناصةِ على التواجدِ الحقيقيِّ للإنسانِ ضمن إطارِ الجماعةِ لا الواحدِ : ( وجعلناكم شعوبًا وقبائلَ لتعارفوا ) مما يحققُ لهُ الفاعليةَ والإيجابيةَ والحياةَ السويةَ وتضمنُ لهُ البعدَ - قدرَ المستطاعِ - عن الوقوع ِ في السوادِ المسيءِ لذاتِهِ قبلَ الجماعةِ كونَهُ محسوبًا عليها جغرافيًا ونسبًا عبرَ ياءِ النسبِ اللاحقةِ بآخرِ اسمِهِ . وبعيدًا عن العمقِ الدلاليّ للبيتِ الشعريّ المشهورِ : وما أنا إلّا من غزيّة إن غَوَت غويتُ وإن ترشُد غزيّةُ أرشُدِ وما يندرجُ تحتَهُ من هويةٍ تتشكلُ بفعلِ الجماعةِ لا الفردِ تظلُ النسبيّةُ حاضرةً بقوةٍ في المعطى والمخرجِ من الذاتِ الواحدةِ وإن اتخذَ شكلُ الفردانيةِ وما تتطلبُهُ من حريةٍ جعلَ منها البعضُ من المحسوبين على قبائلِهم ذريعةً للوقوعِ في شِراكِ السوادِ وعبثيةِ الحريةِ في كلِ ما يصدرُ عنهم من أفعالٍ نشازٍ سمحَ بتواجدِها ما يعيشُهُ العالمُ من ثورةٍ تقنيةٍ أوجدتْ العديدَ من المنصاتِ التفاعليةِ القائمةِ على الربحيةِ الرأسماليةِ في مقامِها الأولِ والضاربةِ عرضَ الحائطِ بكلِ القيمِ والثوابتِ للمجتمعاتِ البشريةِ وهوياتِها المتعددةِ والمتضادةِ في مكونِها في الغالبِ منها مما يسمحُ بنقلِ الصورِ المغلوطةِ والمفتراةِ عنها عبرَ ما يقومُ به هولاءِ المحسوبون على القبيلةِ من أمورٍ لم ولن تكونَ من ضمنِ المسموحِ به ولنقلْ المتعارفَ عليه في أعرافِها دينًا وعادةً . والمتأملُ لحالِ أولئكِ الواهمين وواقعِهم الحريصِ على تذييلِ معرفاتِهم الإلكترونية بأسماءِ قبائلِهم - وإنْ رافقَ الادعاء بعضَها - يجدُ من العجبِ أكثرَهُ ومن السخفِ أحقرَه لعذرٍ أقبحَ من الذنبِ نفسِهِ وفي الذنبِ من البشاعةِ ما يدعو العاقلَ إلى تبرئةِ القبيلةِ من تبعيةِ هذا المذنبِ المدّعي لغاياتٍ عدةٍ تنطلقُ من وإلى النفعيةِ الذاتيةِ بشتى صورها ذاك أن الأنا تقعُ في داءِ التضخمِ والنظرِ الدائمِ إلى المرآةِ دونَ إعطاء ِ أدنى انتباه لمعاييرِ المجتمعاتِ البشريةِ المحيطةِ بها وكأنما الأرضُ أرضُها والزمانُ زمانُها وفي هذا جنايةٌ كبرى يرتكبُها المدعي على قبيلةٍ لا تتشرفُ بمثلِ فعلِهِ ولا بهِ شخصًا حُسِب عليها وفي الواقعِ المشاهدِ من النماذجِ المسيئةِ لقبائلِها ما تتضحُ به المساحاتُ المريرةُ الساكنُ بها أولئك الفارغون والذين أصبحوا بكلِ أسفٍ لا يتوانون عن ممارسةِ الفعلِ القبيحِ علانيةً والتفاخرِ بهِ في بجاحةٍ لا يمكنُ التماسُ العذرِ لها مهما حاولَ البعضُ تبريرِها وتقبلَها على أنها مُسلَّمُ به في العرفِ القبليّ وما كانَ العزفَ على وترِ حميةِ القبيلةِ ليبقى منهلًا عذبًا ينهلون منه الزلالَ شهرةً ومالًا ويرغبون في بقائِهِ في حياةٍ ظاهرُها إدعاءُ البذخِ وجوهرُها الفراغُ المميتُ والهلامُ اللذان يتشرّبُهما واقعُهم ولو قُدِرَ لحالِهم كما هي حقيقةً أن تطهرَ علانيةً لعرفَ المتابعون الموهومون بهم أيَ قبحٍ هم فيه وأيَ تعاسةٍ توشكُ أن تقضيَ عليهم وليتها تفعلُ . إن تعريةَ مثلِ هولاء النشازِ والحدِ من استشراءِ سوادِهم بين عتباتِ الجيلِ الناشئ غايةٌ في الأهميةِ ومطلبٌ قبليُّ مجتمعيُّ يجبُ على الفردِ قبلَ الجماعةِ الأخذُ به والسعي في الأسبابِ الموصولةِ له ليصفوَ نهارُ القبيلةِ وليلُها من هذا الحشوِ ويمشي في مضاربِها من يستحق الانتسابَ لها عملًا ونسبًا فيكونَ شرفُ الانتسابِ وسامًا له يُترجمُ واقعًا بأفعالِ بيضاءَ تزرعُ الأديمَ طهرًا وتعززُ بصدقٍ حوهرَ الانمتاءِ الحقيقيّ للقبيلةِ وعرفِها .