النصّ الرياضي!

مرّت لعبة كرة القدم عبر تاريخها بمراحل مختلفة تعكس التقدم والتطور في طبيعة هذه اللعبة العالمية، سواء فيما يتعلق بالمهارات أو التقنيات، حيث ترقّت المهارات وتطورت الملاعب من الترابية إلى الصناعية فالطبيعية المزروعة، ثم تأسست الأكاديميات التي تحولت معها اللعبة إلى فعل مؤسسي وظيفي يعتمد على خطط المدربين وقدرتهم على توظيف مهارات اللاعبين في الملعب، مع تنفيذ هذه الأدوار والمهارات في منظومة الفريق. ومع تداخل طرق اللعب واختلاط الفردي بالجماعي تحول الملعب إلى نص رياضي يعتمد على الجمل التكتيكية ذات الطابع الجماعي. هنا تراجع اللاعبون المهاريون بطابعهم الفردي، وتصدر اللاعبون الذين ينفذون تعليمات المدرب في تفعيل العلاقات النصية الحركية داخل الملعب، فطغت الجماعية على الفردية. وتبعا لذلك تطوّرت اللعبة، لكن لم يتطوّر اللاعب. صار بإمكانك أن تشاهد مباراة كرة قدم رائعة على المستوى الجماعي، لكنك لن تشاهد لاعبا مميزا على المستوى الفردي إلا أفرادا قلائل استطاعوا بطبعهم ومهاراتهم الفردية وخروجهم عن النص أن ينخرطوا في اللعبة الجماعية دون أن يفقدوا سحر اللعب. وذلك ما يجعل من قراءة اللعب فعلا إبداعيا يقارب بين اللاعبين والكلمات، مراعيا في ذلك الفرق بين اللاعب الوظيفي الذي لا يتجاوز التكتيك على خارطة المدرب، واللاعب الموهوب ذي المهارات الفردية العالية القادر على الخروج عن النص حين تعجز ورقة المدرب عن إدارة الفريق فنيّا. هكذا يبدو النص الرياضي في حيويته وجماله الإبداعي وهو محاط بعناصر مسرحية تمنحه جمالية مختلفة عن جمالية النص الأدبي، إذ تحدث عملية التلقي في فضاء احتفالي بين الجمهور والتعليق والمشاهد الذي يشارك طرفا ثالثا في تفعيل هذا النص الحيوي البديع.