• مقدمة لا شكَّ أن للعنوان هيبةً ووقارًا، كونه يتحدث عن الوطن الذي يسكننا حبًّا عارمًا وهيامًا جامحًا، وقوةً دافعةً للعمل بإخلاص من أجله، والبذل تقديسًا لثراه الطيب؛ فرضًا قاطعًا ووفاءً لا ترفًا. فالبرُّ بالوطن كالبرِّ بالأم الرؤوم التي تحتضن أبناءها شفقةً ورعايةً. جاء محتوى هذا الكتاب مفعمًا بدررٍ ثمينة، بلغةٍ باذخة الجمال، جمعت فيها الكاتبة بين التسلسل التاريخي والشواهد والتحديات والمنجزات، وبين السلاسة والعمق، ليأخذ القارئ في رحلة ممتدة لا تكاد تعترف بحدود الزمن؛ أشبه بقطعة مستقيمة لها بدايةٌ بلا نهاية. وهو بذلك يؤكد أن المسيرة حركةٌ دؤوبةٌ لا تتوقف، بل تنمو وتتعاظم جيلًا بعد جيل، في بناء تراكمي متوشّح بالعزة والشموخ، يزداد توهجًا كلما تعالت الشمس في رابعة النهار! الكتاب لا يعبر عن ذاته فقط، بل عن وطنية الدكتورة سونيا مالكي التي عُرفت في أوساط مجتمعها بولائها المطلق للوطن والقيادة تفانيًا وإخلاصًا، لتتوّج مسيرتها العملية – كطبيبة ومديرة للصحة المدرسية بجدة – بنتاج أدبي سامق يبقى شاهدًا حيًّا على نباهتها وسعة أفقها وقوة حضورها في المناسبات الوطنية. فهي لا تكتفي بالاحتفاء المنفرد، بل تشارك المجتمع نبض الوطن، لتجعل من الكلمات معزوفةً وطنيةً تصوغ من الحروف أوتارًا تتراقص حبًّا وولاءً للوطن قيادةً وشعبًا! •العمق والحيرة الكتاب مدهش بمحتواه وتفاصيله ومواكبته للأحداث، والأهم بشخصياته العظام؛ وأيُّ شخصيات أعظم من مؤسس كيان المملكة العربية السعودية – الدولة التي تُعدُّ القلب النابض للعالم، الدرة النادرة التي تتلألأ كنجم ساطع في السماء – الملك عبدالعزيز – طيَّب الله ثراه – وأبنائه البررة من بعده الذين توّجوا المسيرة وأعلوا البنيان؟ كتوثيق تاريخي مرحلي يواكب الحداثة، وكعمل وطني بحت بلغة رفيعة، وأسلوب حيٍّ راقٍ وشيّق، يصبح من الصعب الإلمام بكل تفاصيله تحليليًّا، فيصير قراءته كالإبحار وسط محيط مائج لا يُحاط بجوانبه ولا يُسبر غوره! •قراءة خاطفة الكتاب محطات وطنية تتناول سيرة ملوك السعودية بدءًا من الملك الوالد المؤسس وحتى العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – وسمو ولي عهده الأمين، مع ما تتصف به كل قامة من سمات شخصية، وما تركته من بصمات ومآثر ومنجزات تظل شاهدة على العصر. كما يعرض لمراحل النمو المضطرد التي نقلت المملكة من دولة نامية إلى دولة قيادية تتربع على عرش الأولوية ضمن دول العشرين الاقتصادية (G20)، إضافة إلى مكانتها الدينية والسياسية التي جعلتها قبلة للمصالحة وحلّ القضايا الشائكة، انطلاقًا من منهجيتها المعتدلة وموثوقيتها المعتبرة ومكانتها المرموقة. اتخذت الكاتبة من «الإثارة» منهجيةً ذكية للطرح، فالسؤال لا يبحث عن إجابة بقدر ما يزيد دهشة القارئ ليتقاسم معها الشعور ذاته، وكأنما يعيش حالة تمازج بين من يبني الفكرة ومن يتقمصها، ليكونا معًا في بوتقة وطن الحب والسلام لحمةً لا تنفصم، يجمعهما سواءً بسواء: الوطن العشق والحياة… ولسان الحال يقول: لا نبتغي عنه بديلًا! ومما يزيد الكتاب قيمةً كمرجع موثوق اعتماده على شواهد دونها مؤرخون من جنسيات مختلفة، ما أضفى عليه بعدًا تاريخيًا وحياديةً نسبية، فانتفت به العاطفة المجردة التي تخالج كل محب لوطنه إباءً وعزًا. ولأن الاستطراد لا يغني عن قراءة الكتاب، ولن يكون فهرسًا أو شرحًا تفصيليًا، بقدر ما هو مقتطفات عابرة تلفت القارئ إلى قيمته وأهميته، فحسبنا من القلادة ما أحاط بالعنق. وإليك بعض الإشارات الموجزة: • بدأت الكاتبة مقدمتها بإثارة مشوقة عبر تساؤلات مفتوحة: «ما سرّ نجاح التجربة السعودية؟» لتُنثر الإجابة بين الأسطر كجوهرة ثمينة مختبئة في ثنايا الأمن الوارف والرفاهية، تجعل كل من يعيشها يمتلئ غبطةً وحبورًا، ثم تأتي الإجابة تباعًا لتوقظ القارئ: الأوطان تقوم على أكتاف الرجال، والوحدة تصنع الأمجاد. • خلُصت إلى أن معادلة الأمن والازدهار مسؤولية مشتركة بين القيادة والمواطن، وأن من أهم أركانها ميثاق البيعة العقدي (الولاء والطاعة)، والحفاظ على الثوابت الوطنية المستمدة من الشرع الحنيف، تلك التي شكلت حصانة ضد المؤامرات التي تستهدف وحدتنا. • المملكة وما تميزت به من عطاءات إنسانية محليًا ودوليًا، جعلتها «مملكة الإنسانية» بمواقفها المشرفة في نصرة القضايا الإسلامية ومساعدة المتضررين حول العالم. • تمكين المرأة وما أحرزته من تقدم هائل لتكون شريكة الرجل في البناء والتنمية. • رؤية 2030 لعرابها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – التي نقلت المملكة إلى دولة رائدة عالميًا بمشاريع عملاقة وتقنيات متطورة وخدمات متكاملة تحقق الاستدامة وجودة الحياة. • مشاريع الحرمين والمشاعر المقدسة وما يُقدم لضيوف الرحمن من تسهيلات تجعلهم يؤدون نسكهم في أمن وراحة ورفاهية. • العلاقات الخارجية الوطيدة المبنية على دبلوماسية رصينة وشفافية ومصداقية، ما جعل المملكة موضع احترام وتقدير عالمي. *عضو جمعية إعلاميون x:alzahrani_falah algreen-sz@hotmail.com