ناظمة عقد الأعلام للزركلي.

يعد كتاب الأعلام لأبي غيث خير الدين الزركلي (١٣١٠هـ/١٨٩٣م-١٣٩6هـ/١٩٧٦م) مرجعاً للأعلام عبر القرون، ومفتاحاً دلالياً للتراجم بعامة إلا في أعلام القرن الرابع عشر الهجري فهو مصدر أساسي أو ثانوي مهما لطالبي التراجم المركزة، مع بيان مصادر بناء ترجمتها، وحينما تقلب الأنظار في طبعة الكتاب في السوق تأسف للكتاب، إذ لم يجد إلى الآن العناية الفائقة به؛ وذلك لعموم النفع به في فنه، ولخدمته لتراث وطني إذ أنه تصنيف لمواطن سعودي. وإنَّ من طرائق خدمة الكتاب إخراجه مع إضافة التراجم التي لم تلحق به وهي بخط مؤلفه فقد جمعها في دفاتر أكثر من خمسة وعشرين دفترا (ذكرها بكري شيخ أمين في زيارته للزركلي الموسومة ب:ساعة مع خير الدين الزركلي المنشورة في العدد الصادر عن مجلة الثقافة الدمشقية المخصص لعَلَم الأعلام الزركلي في شباط ١٩٧٧م، وأحمد العلاونة في كتابه خير الدين الزركلي)، وأيضا من أوجه العناية بالأعلام الزركلية ترقيم التراجم، ووضع ترقيم الأرقام الذي يحويه كل مجلد في كعب الكتاب تحت معجم الأسماء، وأيضا إضافة الخطوط والمخطوطات التي على شرطه، مع بيانٍ في محله برمزه، ومن أوجه العناية المهمة وضع لاحقا للفهارس الفنية الشاملة بالأعلام والأشعار والكتب والمخطوطات والمكتبات ،والأحداث - في غير مظانها-، وكذلك عمل الاستدراك في لاحق آخر، ولعلَّ من فرسان التتميم للأعلام اثنين المؤرخ القدير :أحمد العلاونة، والدكتور الفاضل جمال عزون، فهما مكنز للاستدراك على منهج الزركلي فصح أن يقال في كل منهما: الزركلي الصغير. وإن من منهج الزركلي العملي في كتابه ديمومة المراجعة والتصحيح والإضافة، ودليل هذا طبعات الكتاب، فعندي الطبعة الثانية والثالثة ففيهما إضافات وإضافة يُعمِل فيها الزركلي قلمه، فلماذا لا نحقق أمنيته في إكمال التصحيح لكتابه. نمى إلى أسماعنا قبل أكثر من عقد أن دارة الملك عبدالعزيز ستخرج الكتاب وإلى الآن لم يظهر شيء، وقد خرجت أعمال عن الدارة الأعلام أهم منها، فهذا نداء لأمير الثقافة ومحبوب المثقفين الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز ( وقد كتبت عنه مقالاً نشر في اليمامة الغراء بعنوان فيصل بن سلمان سادن التراث وباعث الثقافة) أن ينتشل الأعلام من هُوته التي سقط فيها، وأن يبعثه من سباته العميق، ليكون على يديه - وهو أهل لذلك- سد العوز في قيام الكتاب للمعرفيين أمامهم وإمامهم في تراجم الأعلام، والإعلام عن وقت لخروجه من الأدراج والخزائن مكتملا ومحلى بالأعمال التي تجمله، هذا نداء ورسالة من القلب. الزركلي علم الأعلام، وشاعر الشام، الدبلوماسي السعودي، الذي سخر وقته بعد عمله للتفرغ لتتبع التراجم فأبدع فيها ونسقها وهذبها بلا إخلال ولا إملال، تقرأ الكتاب فلا تمل من قراءته، وتراجع التراجم فتطمئن له. وإن الوادي الأفيح في خدمة الكتاب هو طباعة أصوله الموجودة بخط الزركلي المودعة في مكتبة الملك سلمان المركزية بجامعة الملك سعود التي تقع في أكثر من ستين ألف ورقة تقريبا وتصور كما هي كاملة في مجلدات مفردة مع الأعلام لتكون موسوعة الأعلام الأصلية والطباعية في صعيد واحد تسر الناظرين وتبهج المحبين. وكذلك من المسالك المهمة لدارة الملك عبدالعزيز أن تجمع سيرة الزركلي من الأعلام سواءً المفردة في آخر الكتاب والضمنية في تضاعيف الكتاب وتنظمها في سلك واحد لتحقق الوفاء بترجمة علم الأعلام ففيها أخباره وكفاحه وجهوده مع لاحق بأهم المقالات التي كتبت عنه. وبذلك تخرج المَعْلَمة الزركليّة مستوية على سوقها، تعجب القراء نتاجها، ويقضى الدين في خدمة الكتاب ونشره، فحقاً الأعلام للزركلي مفخرة القرن الرابع عشر الهجري.