مساء يوم الأحد 27/ 4/ 1447هـ الموافق 19/ 10/ 2025م رأيته في المنام، واستعرضت في الذاكرة لقائي الوحيد معه عام 1419هـ عند دعوته لزيارة مكتبة الملك فهد الوطنية، وذكرياته وهو طفل صغير يرافق والده عمر وهم بخدمة السلطان عبد العزيز آل سعود الذي كان وقت زيارته لجدة عند افتتاحها يتخذ منزل جده الأفندي محمد حسين نصيف سكنا له، وكان ملك الحجاز وسلطان نجد یكافئه بريال فرنسي فيفرح به، وعن مرافقة جده بعد كبره إلى بريطانيا لحضور حفل تخرجه من جامعة ليدز، وغيرها. وفي صباح يوم الاثنين فوجئت برسالة من الصديق الدكتور يوسف العارف يرثي بها معالي الدكتور عبد الله عمر نصيف رحمه الله الذي توفي صباح يوم الأحد 20/ 4/ 1447هـ. وبدأها بقوله: نبأ أتى ، فتزلزلت أركاني وانهدّ من ألم الفراق كياني أيموت (عبد الله) من سمعت به أرض الحجاز .. وسائر الأوطان رجل عليه من المهابة سمتها ومن الأناسة جوها الروحاني حاز المروءة والسماحة والتقى وعلى المحيا .. شاهد الإيمان واستعرض سيرته العلمية والعملية، وذكرياته وآخرها استضافته في أسبوعية الدكتور عبد المحسن القحطاني مع بدايتها في 17/ 4/ 1423هـ. قال إنه تفرغ بعد تقاعده لمنتداه الأسبوعي الذي بدأ عام 1422هـ والذي شارك فيها بمحاضرة عن أدب الرحلات إلى الحج، واستعرض أهم مراحل حياته العملية ودوره في العمل الإنساني والاجتماعي. فتذکرت ما سبق أن كتبت عنه وما سجلته معه عام 1419هـ. اتصلت به هاتفياً بمجلس الشورى، وشرحت له مهمتي بمكتبة الملك فهد الوطنية، وهو تسجيل التاريخ الشفهي للمملكة، فدعوته، ورحب بالدعوة على ألا تكون خلال وقت العمل، فحددت له الموعد بعد صلاة مغرب يوم 27/ ١١/ 1419هـ.، وجاء على الموعد. وعلى مدى ساعتين ونصف، بدأ يروي سيرته العلمية والعملية. منذ طفولته. قائلاً: اسمي عبدالله بن عمر بن محمد نصيف. ولدت في قصر جدي الشيخ محمد بن حسين نصيف بجدة بتاريخ 17/ ٥/ 1358هـ الموافق 5/ ٧/ 1939هـ. قال إنه عند تخرجه من جامعة (ليدز) بالمملكة المتحدة، قد دعا جده محمد لحضور هذه المناسبة، وكان جده حريصاً على الذهاب معه للجامعة لحضور حفل التخرج. وقبيل الموعد أحس بوعكة خفيفة منعته من الذهاب، فطلب من حفيده أن يسمح له بالبقاء بالفندق. قال: ففتحت له التلفزيون ووضعت له القناة التي ستنقل الحفل، وقلت له: بعد ساعة ستراني مع الخريجين على الشاشة.. وبعد عودتي سألته هل رأيتني يا جدو؟ فأجاب وهو يضحك رأيتك وعليك (البرتعة) وهي عباءة التخرج. يقول إن قصر آل نصيف الذي بني عام 1292هـ، واستغرق بناؤه عشر سنوات ويتسع لأكثر من 200 شخص، كان يستضيف الملك عبد العزيز في فترة الصيف لمدة تصل إلى اثني عشر عاماً تقريباً، إلى أن تم بناء قصر خزام جنوب جدة في النزهة اليمانية. وعن أولاد جده: قال إن للشيخ محمد ثلاثة أبناء، هم: حسين، وعمر، وعبد القادر، وابنة واحدة هي عزة، زوجة الشيخ محمد بن عمر جمجوم. أما والده عمر فقد ولد عام 1326هـ 1907م. بعث مع أول بعثة طلابية في عهد الملك عبد العزيز إلى مصر، وعمل مدرساً ثم معتمداً للتعليم، ثم مديراً للأوقاف بجده، ثم رئيساً لبلدية جدة، ثم عضواً في مجلس الشورى، وتوفي عام 1382هـ في شهر رمضان المبارك خلال انعقاد مجلس الشورى بمكة المكرمة. وله من الأولاد أربعة أبناء هم: عبد الله وعبد الرحمن وعبد العزيز ومحمد، وبنت واحدة هي: فاطمة. وقال عن والدته صديقة شرف الدين واهتمامها بتعليمه، والتي قال عنها الأستاذ محمد سعد الوهيبي في كتابه (من أعلام آل نصيف) إنها كانت تتابع دراسته بالمدرسة، إلى جانب تعليمه الأمور الضرورية من مبادئ الدين، ونظام الحياة وشمل ذلك تدريبه على أعمال المنزل، ومنها (ترتيب أحذيته- ترتيب فراشه، ترتيب ملابسه. اهتمام بكل لوازمه الشخصية المساعدة بالطبخ، والتنظيف) بالرغم من وجود كثير من الخدم بالمنزل. وقال إن والدته قد افتتحت مدرسة بدار الشيخ محمد نصيف عام 1360هـ 1940م، لتدريس بنات آل نصيف وأقربائهم، وكذا كبيرات السن من الأسرة. ولما بلغ عبد الله سن الرشد كان يسوق لها السيارة، ويتجول بها من أجل القيام بالدعوة في القرى والمدن، خارج مدينة جدة، وهي مشهورة بدعوتها لنشر التعليم بين بنات جدة، وما حولها. وقد اهتمت والدته بتعليمه القرآن الكريم في سن صغيرة، وحل واجباته ومتابعته في التحصيل العلمي الأولي، المرحلة الابتدائية في المدرسة السعودية الابتدائية بحارة الشام. وكان والده يديرها، وكانت الدراسة في ذلك الوقت على فترتين صباحية ومسائية، تفصلهما ساعتان للراحة وتناول طعام الغداء في المنزل. وبعد المرحلة الابتدائية درس المرحلة المتوسطة بالمدرسة السعودية، وكانت الدراسة آنذاك قد قسمت إلى مرحلتين، الابتدائية ست سنوات ثم المرحلة الثانوية ست سنوات، ثم تحولت الثانوية إلى ثلاث سنوات منفصلة ومرحلة المتوسطة ثلاث سنوات، ودرس المرحلة الثانوية بالمدرسة النموذجية، التي تم إنشاؤها عام 1375هـ بمدينة الملك سعود العلمية. التحق بجامعة الملك سعود بالرياض عام 1379هـ / 1959م، كلية العلوم وحصل على شهادة البكالوريوس في العلوم (كيمياء/جيولوجيا)، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى. عين معيداً بقسم الجيولوجيا لفترة وجيزة. ابتعث للدراسة بالخارج من عام 1385 - 1391هـ وحصل على الدكتوراه في الجيولوجيا من جامعة (ليدز) المملكة المتحدة. عمل أستاذاً مساعداً بقسم الجيولوجيا -كلية العلوم - جامعة الرياض من 1391 - 1393هـ. انتقل لجامعة الملك عبد العزيز بجدة. وعمل أستاذاً مساعداً في الفترة من 1393 - 1396هـ. ثم رقي إلى أستاذ مشارك عام 1397هـ. وفي عام 1403 أصبح أستاذ (بروفيسور) جامعة الملك عبد العزيز بجدة. أما بالنسبة للخبرة العملية فهي كالتالي: - 1393 - 1394هـ رئيس قسم الجيولوجيا - كلية العلوم، جامعة الملك عبدالعزيز - جدة. - 1394 - 1396هـ أمين عام جامعة الملك عبدالعزيز - جدة. - 1396 - 1400هـ وكيل جامعة الملك عبدالعزيز - جدة. - 1400 - 1402هـ مدير جامعة الملك عبدالعزيز - جدة. - 1403 - 1413هـ أمين عام رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة. - 1413 - 1422هـ نائب رئيس مجلس الشورى - الرياض تُرجم له في (موسوعة الشخصيات السعودية)، مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر، ط2، ج2، 2013م وقالت عن مناصبه التي لم تذكر: «.. أمين عام المجلس الأعلى العالمي للمساجد، ورئيس هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، نائب رئيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، أمين عام المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، عضو مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر، عضو مجلس إدارة نادي مكة الثقافي الأدبي، الأكاديمية الملكية المغربية، رئيس النادي العلمي بجدة، صندوق التمويل الكشفي العربي. وذكرت من مؤلفاته: الجيولوجيا الكيميائية والزمنية لصخور الجرانيت بالمملكة، التضامن الإسلامي ودور المملكة الإسلامي والشيوعية. وبالنسبة للجوائز والأوسمة، فقد ذكرت منها: جائزة الملك فيصل العالمية (فرع خدمة الإسلام) 1411هـ / 1990م، قلادة الكشافة العربي 1401هـ / 1981م ووسام الذئب البرونزي من الكشافة العالمية، ووسام الصقر الفضي من اليونان. وقد ذكر لي أنه قد حصل على الدكتوراه الفخرية من الجامعات الخرطوم، جامعة العلوم بما ليربار جامعة جنوب الفليبن، جامعة فانيلا، جامعة أم درمان الإسلامية بالسودان. وذكر أنه عضو بلجنة اختيار الفائزين بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام. وأنشطة أخرى ذكر منها: نائب رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد، رئيس مجلس الأمناء لجامعة المشرق والمغرب في (شيكاغو) بأمريكا، عضو مجلس الأمناء لمعهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية في جامعة (فرانكفورت) في المانيا، نائب رئيس الندوة العالمية للشباب المسلم، رئيس مؤتمر العالم الإسلامي في كراتشي باكستان، نائب رئيس مجلس أمناء الدراسات الإسلامية في جامعة (أكسفورد) ببريطانيا زميل الجمعية الجيولوجية في لندن، زميل الجمعية الجيولوجية الأمريكية. وعن حياته الاجتماعية: قال إنه تزوج منذ عام 1387هـ، وله من الأولاد، ثلاثة أبناء: عمر ومحمد ومحمود، وابنتان: عائشة وخديجة. ترجم له أحمد سعيد بن سلم في (موسوعة الأدباء والكتاب السعوديين خلال ستين عاما) ذكر من مؤلفاته التي لم تذكر: 1- دراسات بترولية لصخور طريق قفط– البصرة بالصحراء الشرقية عام 1980 بالاشتراك. 2- الدرع الجرانيتي العربي - بالاشتراك. 3- الصخور الجرانيتية والميتاموفية في منطقة الطائف، بغرب المملكة العربية السعودية - جمعية الجيولوجيا بأمريكا. 4- العلوم الاجتماعية والطبيعية بالاشتراك. 5- العلوم والشريعة والتعليم - باللغة الإنجليزية. 6- دور الإيمان والتعاليم الإسلامية في تدريس العلوم الطبيعية والتطبيقية. وتُرجم له في (موسوعة تاريخ التعليم في المملكة العربية السعودية في مائة عام) ط2، مج5، 2003م. واختتم الدكتور يوسف حسن العارف كلمته الرثائية بالصحيفة الألكترونية (غراس) بقوله: ((.. ويا أبا عمر عشت بيننا ضياء ونورًا/ ومحبة وعطاءً/ يذكرك القريب والبعيد، فوجهك المشرق بابتسامته الصافية/ الصادقة، وجهودك وجودك وسخاؤك مضرب المثل والقدوة، وتواضعك المهيب دليل على ما تحمله نفسك من ثقة وشموخ تمتد أسريا من أجدادك الأوائل وحتى أحفادك الأواخر، صاحب الوسطية والاعتدال والدعوة إلى التسامح والتعايش وكنت بذلك رمزًا محليا وعالميًا بهذه الروح المعطاءة والنفس الوثابة صدقاً وعطاء لا يعرف الانكسار. كنت مثالاً للمدافع عن القضايا المصيرية الوطنية والإسلامية، داعيًا إلى الحوار والتفاهم والتثاقف على حضارة الآخر وثقافتهم، وكل ذلك في إنسانية متجذرة، ولطافة حس حجازية ناضجة ورقى ذوق وأحلاق إسلامية سامقة!! رحمك الله وأسكنك فسيح الجنات وألهم أسرتك وذويك ومعارفتك ومحبيك ونحن أولهم، جميل الصبر والاحتساب، والدعوة لك بالغفران والرحمان، وإنا لله وإنا إليه راجعون!!