أنا وهو .

منذ سنتين تركت المنزل أمام التلفاز وبجواري هاتفي: (على الشاشة تقول الحبيبة لحبيبها: أحبك للأبد! ويرد وأنا أيضًا أحبك للأبد) لا يعرفان ما الأبد! لا يعرفانه إلا ككذبة منمقة، ووعدًا غير ناجز، أو هو توكيدٌ على ظرف مجهول لا تُعرف حقيقته إلا عبر خيالاتٍ أو أطياف نوم. كل اللحظات الشاعرية تسمح لنا بالركض بكل أدوات اللغة دون التمحيص فيها. “يرن الهاتف، رسالة دعائية لا تريد سوى أن تُذكرني بوحدتي. حين أقول البداية فأنا لا أعني إثارة من نوع ما. كل شيء كان رائعًا في بدايته، طمأنينة وأُلفة. لم يكن الأمر يتعلق بالإغواء مثلًا، جمعنا الصدق والإخلاص، لا الحب والجمال. هيأنا أنفسنا معًا وبطريقة لا واعية لعمر الستين والسبعين. رأيت شعره الأشيب، ورأى تجاعيدي، سخرنا منها معًا قبل أن تظهر. لم يمثل الحزن بالنسبة لي مُشكل طوال سنوات قربه؛ إذ سرعان ما كانت رؤيته تبدده. أما الفرح فكان إذا فاض يعرف مجراه. لم نعط وعودًا على غرار “أحبك إلى الأبد” كان وجودنا مع بعضنا فقط يمنحنا الثقة. كنا كافيين لأنفسنا، ولسنوات ظننا أن الحبل لن يُقطع! أحببته وأحبني، وظننا أن ذلك يكفي. لا أتذكّر ليلة مفصلية قادتنا لنكون ما نحن عليه الآن، كان ما حدث ضبابيًا متماهيا مع مرور الأيام بشكل عام. تحت جلد الوقت كانت دودة تزحف دون أن تترك أثرًا واضحا. ساعة إثر ساعة كانت الشمعة تطفئ. كل ما استقرؤه الآن أن لدغة القلق المُتقنع بالملل أطاحت بثقل الحلم الكبير. وعُدنا وحيدين. ضجرين؟ نعم، ولكن تركنا للأيام فرصة لتقول كلمتها. هو الذي كان قربه نعيمي لم يصبح بعده عذابي! استمرأت العيش دونه، ومضيت.