الثمن الواجب تسديده.
في حياة كل إنسان مجاهل منيعة وأشياء لا يقبل الكلام عنها مهما كان الثمن. والكُتّاب والشعراء والروائيين وصُنّاع الأدب، يجدون أسرارهم مختبئة في قلب كتاب أو قصيدة. غالبًا ما تكون باكورة أعمال الشباب جزءًا كبيرًا منها سيري بشكل أو بآخر، رغم قلة السنين والتجارب التي عاشوها. ولكن هذه الرغبة العميقة منذ البداية في التخلص أو الاستعادة أو إعادة تشكيل الماضي والواقع بالخيال. أن يقدم ذاته لتغذية ما يكتب ويسمي ذلك الكاتب الأمريكي سكوت فيتز جيرالد “الثمن الواجب تسديده”. بعضهم يتباهى ويعلن أنها سيرته وحياته التي عاشها، وهذه إحدى الطرق لجذب انتباه القارئ الذي يحب معرفة كل شيء عن حياة المؤلف كما فعل محمد شكري في” الخبز الخافي” وبول اوستر في “حجرة الكتابة”. ولكن هل تعتبر معرفة الحياة الخاصة للكاتب مهمة لفهم أعماله، أم أنها طريقة لمحاكمة العمل والمؤلف بناء على قيمة المعرفة هذه؟ الكتابة تفترض وجود سبب عميق ونابع من الرغبة في القول، وجزء من اللاوعي نجده في سطور الحكايات. يخترع حياة أخرى تعويضية تتغذى على الخيال أو يعيد بناء واقعه وتشكيل ماضيه أو لتجميد الذاكرة وإنقاذ شيء واستعادته أو افنائه تماما. كأن يحوم الكاتب طوال الوقت حول ذاته والذوات التي عرفها والأحداث التي عاصرها لإخفاء سر معين ويتمنى أن يكون غير مرئيا وأن يقول كل شيء عن ذاته بدون أن يظهر ذلك. هي طريقة لتفكيك الواقع وإعادة تشكيله بشكل مختلف يرضي الكاتب ويفيد القارئ ويعلمه شيئًا عن العالم وذاته دون التمييز بين ما هو متخيل ومستذكر عبر موشور الكتابة.