سبيستون.. البيت الثاني للأطفال العرب..

حكاية جيل الألفية الذي تربّى في كواكب “قناة شباب المستقبل”.

“حُلمُنا نهار، نهارُنا عمل..” “ساعد غيرك لو تدري..” “ قد لمعت عيناه “ هل أنشدت الكلمات تلقائيًا في ذهنك؟ إن فعلت، فمرحبًا بك، أيها الصديق من جيل قناة شباب المستقبل.. لننطلق معًا من أحد الكواكب التي أحببتها، ربما كان “مغامرات” أو “أكشن”، أما أنا، فقلبي ظلّ مع زمردة. “قناة شباب المستقبل” كانت أول قناة عربية مخصصة ومُتاحة للأطفال. بدأ بثّ القناة في مارس عام 2000 كفقرة أطفال ضمن تلفزيون البحرين الحكومي، ثم انطلقت كقناة مستقلة في عام 2002. والجدير بالذكر أن سبيستون قسمت محتواها على شكل عشرة كواكب، لتغطي أنماطًا متعددة من البرامج. أما الكواكب فهي: أكشن، وهو عالم الأدرينالين المرتفع، ثم كوميديا، وفيه توم وجيري بمقالبهما التي لا تنتهي. وزمردة، الذي عُرف بلونه الوردي المميز واهتمامه بالفتيات، ومغامرات، ورياضة الذي كان المفضل لأخوتي الصغار، وبون بون، وأبجد، وعلوم، وأفلام، وأخيرًا كوكب تاريخ، الذي ركز على المسلسلات التاريخية – مع الإشارة إلى أنه قد تم حذفه لاحقًا. قناة هادفة ذات خطاب قومي عربي وعلى خلاف بعض قنوات الأطفال الأخرى، تميزت سبيستون بشاراتها الخاصة وفواصلها الزاخرة باللغة العربية الفصحى. لم تقتصر على دبلجة اللغة فقط، بل قدمت محتوىً يتماشى مع قيم الطفل العربي والمسلم من حيث الأخلاق والدين واللغة.ويظهر هذا بوضوح في مسلسلات مختلفة، حيث نُقل في ويكيبيديا: “رافقت ميول القناة المحافظة خطاب قومي عربي يعتبر سكان الدول العربية شعبًا واحدًا تَجمعهم اللغة والثقافة والتاريخ، إلى جانب الإسلام بالتأكيد. يظهر ذلك في النمر المقنع، حيث يظهر الصحفي تامر المقنع بمظهر البطل العربي الذي يريد الدفاع عن عروبة حلبة المصارعة وحزام بطولتها، وهو مسار لا وجود له في القصة الأصلية”. ومن خبرتي كمترجمة، أستطيع القول بأن ما فعلته سبيستون هو تعريب حقيقي، لا مجرد ترجمة استطلاع آراء المتابعين لطالما ترددت عبارة “شباب المستقبل” مع اسم سبيستون، لكنني مؤخرًا طرحت سؤالًا في وسائل التواصل الاجتماعي: “وش أكثر شيء ترك أثر فيكم من سبيستون؟ وهل محتوى اليوم له نفس القيمة؟” جاءتني إجابات صادقة ومؤثرة. مثلًا، كتب “م”: “كنتُ أعاني من وعكة صحية في طفولتي، لكن شخصية مازن المصاب بحمى روماتيزم القلب – الخصم الأقوى لكابتن ماجد – كان لها أثر فيّ بعد الله، عززت شعوري بعدم الاستسلام رغم المرض.” و”ع” كتب: “شخصية كونان كانت تعجبني جدًا، وكانت بوابتي لعالم الروايات البوليسية. وعهد الأصدقاء كان مسلسلي المفضل، كنت أتابعه بشغف. قصته لامستني: كيف نصبر على ظروف الحياة مهما كانت، وأن الثقة ما تنعطى لأي أحد، وأن المال فعلًا يشتري كل شيء، حتى الأطفال!” بعض الشخصيات كانوا بمثابة أصدقاء، وبعض القصص كانت دروسًا عشتُها. كما كتب “أ”:“سامي من أنمي أنا وأخي، علمني المسؤولية. رغم صغر سنه، كنت أتعلّم منه، وطبقت ذلك كوني الأخ الأكبر في بيتي.” بل وتغيرت قيم بعضهم تمامًا، مثل “ل” الذي قال: “أكثر شيء غيرته فيّ سبيستون هو الإيمان بروح الفريق، وتعزيز الثقة بيني وبين من يشاركونني نفس الأهداف.” كنتُ أردد قناة “شباب المستقبل” دون أن أُدرك المعنى الحقيقي لهذا اللقب. ولكن بعد تلك الإجابات… عرفت لماذا أنتِ، يا سبيستون، قناة شباب المستقبل بحق ، ولكن ماذا عن شباب الغد ؟ من الكواكب الآمنة الى فضاء اليوتيوب من محطات الكواكب الآمنة الى فضاء اليوتيوب بلا وجهة .. في الإجتماعات العائلية أرى الأجهزة الذكية بشتى أنواعها مع مختلف الأعمار من الصغير ذو السنتين فما فوق .. ويوتيوب هو المنصة المتصدرة التي يتم التنقل فيها بكل حرية ولكن ما الفرق بينها وبين الاعلام القديم مثل سبيستون ؟ لو تطرقنا للغة العربية للجيل الحالي سنرى التركيز على الكلمات الإنجليزية بكثرة وعدم الوعي بمعنى بعض المصطلحات العربية الفصيحة التي كنا نرددها ونحن صغار بسبب الشارات و الحوارات التي كانت تعلق في قلوبنا قبل اذهاننا فنقلا عن ويكيبيديا “ فإن سبيستون تتّبع سياسةً صارمة تجاه دبلجة برامجها من ناحية اللُغة والنُطق الصحيح و تحرص القناة أشد الحِرص على ضَبط الكلمات حتى لا يكاد المُستمع يعرف جنسيَة المُؤدي، ومن أي البلاد ينتمي،” وأستطيع الجزم بهذا فلدي حصيلة مفردات لغوية كبرتُ معها ، الى جانب تأثر بعض الأطفال الذين كانوا يتحدثون باللغة العربية الفصحى في أولى سنوات حياتهم بسبب الاعتياد على سماع اللغة بالشكل الصحيح ،،ولا ننسى كيف كانت تولي القناة اهتماما باللغة العربية لدرجة أن جعلت بعض الفواصل أشبه بمدرسة مصغرة للكلمات والحروف والحركات. اعادة صياغة بما يتوافق مع الاسلام ولو تحدثنا عن اهتمام القناة بالديانة الإسلامية فلن أوفيها حقها ، فقد حذف كل مشاهد الشعارات للديانات المختلفة والأفكار المعارضة للدين الاسلامي والكنائس فعلى سبيل المثال فلم كرتون “ لحن الحياة “ تم تغيير فكرة عمل الشخصية “ صفاء نور “ من راهبة تعمل في كنيسة الى مربية تكمل دراستها في معهد المعلمات ، وتم اعادة صياغة العلاقات العاطفية الى علاقات صداقة والخمر تم تحويله الى عصير وتعديل بعض ملابس الشخصيات الانثوية ذات الملابس القصيرة أو غير المناسبة والكثير من الأفكار التي يمثلها الانمي ، قد تم في اغلب الأحيان اعادة صياغتها لتتوافق مع الدين الاسلامي ، ولا أنسى الفواصل التي تكون في أيام الحج ورمضان والنصائح الدينية. وشخصياً كنت أرى الرسائل في القصص مثل انتصار الحق والصبر كما في سالي، أو عدم الاستسلام والصداقة كما في عهد الأصدقاء ، كانت سبيستون أشبه بمدرسة تحتوينا جميعاً تدعم الحالمين وتشجع الأطفال أن يكونوا أفضل ويمتلكوا حلماً ومبادئ وثقافة ، كانت الشخصية الرئيسية في فلم الكرتون تمثل البطولة بحق كمعايير عالية بحيث يتمنى الطفل أن يمتلك صفات القوة والصبر والشجاعة وحب الخير والدفاع عنه ، وذلك بسبب بطله في فلم الكرتون ، ولكن ماذا عن ما يمثل البطولة في أفلام الكرتون الان ؟ ماهي الرسالة التي يحملها وكيف سيقتدي به الطفل؟ مروان فرحات: كنا نعدل ولا نحرف وفي خضم تفكيري بالمعايير والقيم تواصلت مع أستاذي مروان فرحات الذي كبرت مع صوته الشجي ومقدمته في جعبتي حكاية وكيف يخاطبنا بـ “ أحبائي “ حين يبدي تعليقه على القصة ورسائلها القيمة كراوي الحكاية. سألته أولا: “ برأيك استاذي ما أبرز المبادئ التي اعتمدتم عليها في دبلجة محتوى اجنبي الى محتوى يناسب ثقافتنا ويغرس القيم العربية والإسلامية في الأطفال ؟ *أعتقد أنك أجبتي على سؤالك .. نعم هي المبادئ التي تناسب ثقافتنا العربية وكل شيء كان يأتينا منافي لذلك كان يعدل بطريقة واعية ويتم التركيز على القيم والمثل الأخلاقية العليا .. فـ (مركز الزهرة ) وقناة سبيستون تقول ذلك ولا تخفيه وتقول إنها ما كانت تفعله تعديل وليس تحريف ونحن نتلقى اقوال وآراء كثير من المتابعين “ أما سؤالي الثاني فهو من فضول الطفلة التي كبرت على رسائلك في أفلام الكرتون فقد كنت تمثل أصوات شخصياتها المفضلة .. من بين الشخصيات الكثيرة التي قمت بدبلجتها من أكثر شخصية شعرت بقربها لك ؟ - كثيرة هي الأدوار التي أديتها وأصبحت معروفة وأحببتها لأن الجمهور الكريم أحبها (القبطان ربيع في لحن الحياة ) و (ألواين في روبن هود) و(عبدالرحمن في صقور الأرض) و (توغوموري والدكتورأغاسا في كونان) و (باتمان) و (زورو) و(ساندوكان) والكابتن ماجد (الشبح) و (برين) و (الكونت ديمونت كريستو ) وغيرها الكثير .. كل الشخصيات مهمة بالنسبة لكن أقربها إلي هي الشخصيات التي تسعى لمساعدة المظلومين وتحقيق العدالة مثل باتمان وزورو . طارق العربي مع جمهوره في الرياض مؤخرا أقام الأستاذ طارق أو عمو طارق كما يحب أن يقال له حفلا في الرياض مع عائلته وتواصلت مع الحضور بعد الحفل بالسؤال التالي : وش أكثر جملة قالها طارق العربي وعلقت معك ؟ وكانت الاجابات كالتالي : (ر) أجابت “ لامسني جدا يوم قال انتو ابنائي مو فانزي واثر فيني جدا وغير كذا ذكر شي ان الي كانو معه بشركه كانو يقولون له ان محد بيتذكرك ولا الي تكتبه وقال ان انتو اثبتو عكس كلامهم ، وبرضو كان يقول انه كان حريص على الكلام الي يكتبه لان الاطفال ياخذون بالكلام ويطبقون” (ع) أجاب : “ انا ماحب كلمة فان او الأستاذ نادوني عمو طارق “ وشخصيا لا أنسى كلمات عمو طارق حين قال في لقاء بسيط سابق “ لو كانت اغنية مجرد طابة حمراء وطابة صفراء ما راح اطلع اعمل حفل عشان اغني طابة حمراء وصفراء “ و رساله الذهبية” إذا بدكم تكتبوا لاطفال لا تخافوا من الكلمة ، أن تقول بدور له على كلمة بسيطة شوي شوي بيكبر معه وبيكبر معها “ ختاماً الحمدلله أولاً ثم أشكر عمو طارق والأستاذ مروان فرحات والأستاذة رشا رزق وكل طاقم سبيستون فقد أثمرت بذور المبادئ التي زرعتموها في الطفلة التي بداخلي ، شكرا لكِ لكونكِ احتويتي طفولتي بكل حب وعلمتني الكثير ، أن أمتلك حلماً يجعلني أكتب عنكِ كما الان . *كاتبة مسرحية ومترجمة. الرياض.