حنجرة للتأجير (استخدام حشمة).

في زماننا هذا اصبح كل شيء قابلاً للتأجير. قلت كل شيء وأقصد ذلك. استرجعوا في اذهانكم ما الذي بقي لم يُعرض بعد للتأجير؟ سأعدد معكم لو سمحتم لي. نبدأ بالمسكن، والاثاث، السيارة، عاملة المنزل، فستان الزفاف، سائق خاص، بشت فاخر للمناسبات، قهوجي، حارس شخصي للمظهرة والمنظرة، وغيرها. إذاً كل الأشياء الاستهلاكية تقريباُ قابلة لتأجير، ولكن. أن تُؤجّر الأرحام السليمة النظيفة للعواقر من النساء والرجال فتلك طامة أخلاقية. وبنفس المستوى أن يتم تأجير حناجر بكامل متانة حبالها الصوتية للصراخ في المنصات الاتصالية المرئية والمسموعة والرقمية كي تعزز لخطابٍ سياسيّ (مشبوه) أو تحاول غسيل سمعة نظام سياسي منبوذ وصولاً الى القيام بدور (الهر) يوزف غوبلز (1897-1945) الذي ربما (وهو راقد تحت التراب) لا زال يتحسس مسدسة حيث كلمة ثقافة يزداد توهجها وتأثيرها في كل العصور. أقول عن ذلك التأجير: المؤجّر والمُستأجر خابوا وخسِر مسعاهم. في المعتاد يقوم صاحب الشأن بعد كل جولة استئجار بتنظيف الشيء المُستأجر، الشقة، السيارة، البشت الفاخر، فستان الفرح، كراسي المناسبة، أباريق الشاي وغيرها، فكيف يمكن لمُؤجر الحنجرة تنظيفها ومم سينظفها؟ هل المفردات وهي كل أصول تجارته؟ قطعا لا لأنه سيكررها في مناسبات أخرى مختلفة حتى ولو تناقضتْ مع كل ما قيل في تأجير سابق. هل بالغت في وصف مؤجري الحناجر؟ أُحيلكم الى مخازن منصّة (يوتيوب) التي حفظتْ وتحفظ كل ما قيل. لنأخذ اسم أحدهم عشوائياً. ولنقارن موقفه الحنجوري تجاه حدث وقع في الماضي ثم كلامه عن ذات الحدث الآن. تعاكسٌ وتضاد وهو مدعاة للسؤال عن ذلك التبدل المتناقض فهل يحق لنا القول فتّش عن الدولار الأخضر؟، فتّش عن هواتف العملة التي تعيش في الزوايا المعتمة للأزقة الخلفية لشارع (إدجوار روود) في لندن. (لا ريب) بأن أولئك الحنجوريون يعيشون في وهم كبير لأن عقولهم قد توقفت عند عقد الثمانينيات وظنّوا بأن مقولة (افتح فمك يرزقك الله) توكّل عيش في زمن أصبح كل شيء مكشوف ومعروف.