في كتاب « من ذاكرة حراج ابن قاسم الثقافية»

الوراق أحمد كلاس رافد للمكتبات الوطنية بالكتب والمخطوطات .

كان اسم الوراق أحمد كلاس يتردد كثيراً في أوساط الوراقين؛ ممن كانوا يمتهنون بيع الكتب المستعملة والمخطوطات والنوادر الثمينة بحراج ابن قاسم بالرياض، وكانت له صولات وجولات ؛ مما أكسبه شهرة بين أرباب الكتب، وقبل الحديث عن كلاس تجدر الإشارة إلى أن حراج ابن قاسم ينسب إلى رجل يدعى: فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد بن قاسم وهو أشهر من قام بمهنة التحريج على البضائع المستعملة ، وقيل: إنه اشتهر بعد أن قام بالتحريج على تركة الملك عبدالعزيز رحمه الله. وقد جاءت فكرة هذا الكتاب كون مؤلفه مهتم بسير الوراقين؛ فتعرف لأول مرةٍ على كلاس وطفق يبحث عنه؛ حتى فقد الأمل بالعثور عليه، وفي يوم من الأيام قاده قدر الله إليه عن طريق أحد معارفه، ولو أن هذا اللقاء جاء متأخراً بعد أن طعن كلاس في السن وداهمته الأمراض ، لكن المسردي تدارك ما يمكن تداركه وتحدث إليه وأخذ عنه وتعمق في سيرته وشخصيته العاشقة للكتب. واجتهد المؤلف في تدوين سيرته والمراحل التي مرت على حياته بين السعادة، والحزن، والشقاء، والتنقل من مكان لآخر بحثاً عن الرزق، وذكر أنه نشأ بكنف والدية وعاش حياة مستقرة وتعلم في الكتاتيب وعمل مع والده في التجارة؛ لكنه بعد وفاة والده تعرّض للعديد من المصاعب والمتاعب والمضايقات فأتلف دكانه وسطى بعض المجرمين على منزله بالقنبور، مما اضطره للرحيل إلى جازان لعلاقته الوثيقة بأهلها الكرام حيث كان يتردد عليها مع والده من قبل، ثم انتقل إلى جدة عام 1390هـ وفيها بدأ في تجارة الكتب وبيعها ثم في عام 1391هـ انتقل إلى الرياض وأمتهن العديد من الأعمال في سبيل طلب الرزق بالإضافة لعمله في بيع الكتب في حراج ابن قاسم التي مكنته لاحقاً من افتتاح مكتبة في حي غبيره تفرغ للعمل بها. أما السؤال الذي يتبادر إلى ذهن القارئ لماذا التأليف عن هذا الوراق تحديداً فيوضح الباحث أن ذلك جاء لعدة أسباب من أهمها: أنه دعم مكتبة الملك فهد الوطنية بـ 5 الآف كتاب و 200 مخطوطه نفيسة ودعم مكتبة الملك عبدالعزيز بـ 5 الآف عنوان ودوريات وكُتب انجليزية وأخيراً لدعمه مركز الملك فيصل بـ 1500 عنوان و45 كرتون من نوادر الصور والكتب. وبيّن الباحث جوانب أخرى من حياة الوراق أحمد كلاس غير امتهانه لبيع الكتب فقد ذكر أنه يبدع الحكمة والأمثال التي تتميز بالدعابة وخفة الدم، ويقرض الشعر الفصيح بالإضافة إلى تأليفه العديد من الكتب التي لم يصدر منها إلا كتاب (القول الحسن في أخبار بني حسن) وما زالت الأخرى مخطوطة ومنها : (سيرة أحمد وعبدالعزيز الدخيّل) و(أخبار فيصل المعمّر)، أما أطرفها في نظري فهو كتاب: (تنبيه الأعلام في من قال شعراً في المنام). حاول كلاس في آخر حياته أن ينتقل إلى بلاده بعبس في تهامة اليمن بعد أن ضعف جسمه وكلّت ذاكرته؛ ليختم فيها بقية عمره . توفي الوراق أحمد كلاس يوم الخميس 22 /5/ 1439هـ في مستشفى الشميسي بالرياض، وكان قبل ذلك يحلم بإنشاء مركز ثقافي يحمل اسمه في بلدته عبس . صدر كتاب من ذاكرة حراج ابن قاسم الثقافية سيرة الوراق أحمد كلاس(1350-1439هـ) للباحث: مسعود بن فهد المسردي عن دار الثلوثية للنشر ط1/ 1442هـ *محافظة القريات