في عالم التجارة والأعمال، تُعرف الشركات بعلاماتها التجارية، وهذا أمر طبيعي، فالشعار لا يمثل مجرد شكل أو حروف، بل هو هوية الشركة وبصمتها البصرية التي تُعزّز من ولاء العملاء لمنتجاتها، وتُميزها عن بقية المنافسين. فمن منّا لا يعرف شعار التفاحة المقضومة لشركة Apple، أو الحروف الملونة لشركة Google، أو سهم Amazon الممتد من حرف (A) إلى (Z) في ابتسامة ذكية توحي بشمولية منتجاتها؟ بل وحتى في قطاعات أخرى كالمشروبات الغازية أو السيارات، نجد علامات راسخة مثل كوكاكولا وفورد وتسلا وماكدونالدز، أصبحت رموزًا لا تُخطئها العين. العلامة التجارية لا تقتصر على كونها وسيلة تعريفية، بل تمثل اليوم أحد أصول الشركات التي تُدرج قيمتها في الميزانيات والتقارير المالية. فمثلًا، بلغت قيمة علامة Apple التجارية أكثر من 880 مليار دولار أمريكي، وتلتها Google بـ 580 مليار، ثم ماكدونالدز بـ 190 مليار دولار، وهي أرقام تُظهر حجم الأثر الاقتصادي للهوية البصرية والسمعة المؤسسية. لكن اللافت أن مفهوم العلامة التجارية لم يعد حكرًا على عالم التجارة فحسب، بل امتد إلى مجالات الثقافة والسياحة والترفيه. فالمعارض والمهرجانات والمدن الكبرى أصبحت هي الأخرى تمتلك “براندها” الخاص الذي يرمز إليها.وأمسى ذا قيمة مادية فحين يُذكر اسم باريس مثلا يتبادر إلى الذهن برج إيفل، وعند ذكر نيويورك نتصور تمثال الحرية، بينما ترتبط القاهرة بالأهرامات. في صور ذهنية اتخذت منها تلك المدن هوية لها وتعرف بها وكذلك الحال في الفعاليات الفنية: مهرجان كان السينمائي يُعرف بـ سعفته الذهبية، وجوائز الأوسكار بتمثالها الذهبي الشهير. تلك الرموز لم تعد مجرد صور أو مجسمات، بل تحولت إلى علامات ذات قيمة مادية ومعنوية تتزايد عامًا بعد عام. وعلى المستوى المحلي، لدينا العديد من العلامات التجارية السعودية التي نجحت في بناء هوية عالمية ، فشركات مثل أرامكو وسابك والخطوط السعودية وغيرهم ، وهي أسماء أصبحت مرادفة للثقة والجودة والتميز. واليوم، يُمكن القول إن موسم الرياض الذي افتتح موسمه الجديد منذ ايام بات أحد أبرز العلامات التجارية في عالم الترفيه على مستوى الشرق الأوسط فمن خلال الأرقام والجهد والإبداع المتجدد، أصبح الموسم حدثًا يُترقّب كل عام. وحسب ما أعلنه معالي المستشار تركي آل الشيخ في افتتاح موسم الرياض 2026، فقد تجاوز عدد الزوار لموسم عام 2025 اكثر من 20 مليون زائر من 135 دولة، وهو رقم يعكس تنامي الاهتمام الدولي بالموسم، رغم حداثته حيث بدأ في 2019 بتنامي عام بعد آخر معززً موقع المملكة على خريطة الترفيه العالمي. كما ارتفعت القيمة التجارية لعلامة موسم الرياض إلى 3.2 مليار دولار أمريكي، في دلالة واضحة على أن النجاح لا يُقاس فقط بالمتعة الترفيهية بل أن صناعة الترفيه قوه ناعمة لها مردود اجتماعي واقتصادي ويمكن لعلامتها أن تكون ذات تأثير مستدام في الوجدان والاقتصاد معًا.