أن نقرأ ما نحب ونحب ما نقرأ

تهافت مقولات النقد الأدبي وتهشيم بنيان الخيال الجماعي وترحيل الجهد السردي بالترهيب والشدة إلى عوالم النظريات والجدران البنيوية والتفكيكية - بغض النظر عن اني فهمتها أم لم أستطع الإحاطة بها علمًا إلى اليوم - أوقفت التاريخ الإبداعي وهِبة اِلتقاط الجماليات من النصوص وحرفة البحث عن الجمل الذهبية التي تسلب القارئ وربما نعود للكتاب كل مرة من أجلها فقط ،أوقفتها عند لحظة زرعت التوحش والعنف في المقروء. نكبة النقد هذه وكثرة الإفتاء، تكشف رغبة هؤلاء في الإيفاء بوظائفهم كمشتغلين في الأدب أو الصحافة أو ما يسمى بالثقافة عبر الكتابة العنيفة الخالية من الحس الإنساني والرؤية الإبداعية بزعم انحيازهم لقيم وهمية وشخصية وللوهم النخبوي. واللافت للنظر هو تكاثر هذه الفئة وازدياد المؤيدين الخائفين(أن تطال إبداعاتهم موجة النقد هذه) من الجمهور أو المتابعين. ما كان لهذه الشظايا أن تصيب أهدافها لولا احساسهم العميق بأنهم متفوقون ولهم أتباع يشبهونهم في التفكير. ولولا تأزم حالة الكتابة والنشاط الثقافي في المنطقة كما يزعمون. منذ بداية الحكاية، هناك في كل سوق الصالح والرديء لكنها مسألة ذوقية، في كل الأحوال ما لم يعجبك دعه في دفاتره وأكتب باستفاضة وبشكل يومي كما تفعل الآن عما أحببته. لكن أن يكون كل المكتوب عن الرديء فهذا وضع سيء للغاية. والموهوم بهذه المَلَكة (العين الناقدة) يظن أنه الأذكى والأبرع والأهم، حين يبرز مساوئ الأعمال فقط ولا يرى أي حسنة في كل الفضاءات الأدبية عدا ما يقوله هو. وهذا ما جعل الكتابة حربا على حرب والإبداع حصرا على الكبار والموالين لأصحاب العين هذه والتي ضيقت علينا منافذ الجمال واقفلت أبواب المتعة. رؤية الجمال هبة لا يمتلكها كل القراء.