التعتيم الإتصالي.

استضافتني القناة الفضائية المصرية في برنامج “التليفزيون العربي” للحوار حول تأثير التلفزيون على الوعي الجمعي وكنت قد جهّزت نفسي جيدا للحديث حول تاريخ بدء بث محطات التلفزة العربية ومدى تأثير التلفزيون آنذاك على الفكر العربي الشعبي. فوجئت بأن الحديث قد اقتصر على تجربتي مع التلفزيون السعودي إبّان مشاركتي في تقديم برنامج التوعية الأمني العيون الساهرة ابتداءً من عام 1975 أي بعد عشر سنوات من بدء أول بث تلفزيوني سعودي رسمي (إذا استثنيا بث تلفزيون شركة (أرامكو). دعوني والحديث يدور حول الإعلام أُعطي إلماحة مقتضبة عن دور التلفزيون في التأثير الفكري والسياسي وحتى السلوكي على شعوب العالم منذ بدأ البث التلفزيوني في الـ(بي بي سي) البريطانية عام 1936 وهي أولى مؤسسات التلفزة التي بدأت البث الحي خارج الأستوديوهات المغلقة. حسب خبراء الاعلام كانت الوسائل الاتصالية بما فيها التلفزيون تحاول دمغ الجمهور بمعزلٍ عن إرادته برأي أو إيديولوجيا وتتردد عن تبيان حقيقة الأمور وموضوعيتها. لهذا كان التعتيم والضبابية في التناول أسلوبا آخر للدعاية (بربوغاندا) ولكن مع فارقٍ قد يخفي على الكثير من المتلقين. التضليل الإعلامي لا يُمكن أن يُعلن عن هويته الحقيقيّة حتى لا يُدخِل أي شك أو يُثير أي مقاومة. هذا هو ما يحدث في الوقت الحالي رغم كل التجارب الطويلة الماضية التي لم تحقق تماماً الأهداف غير المُعلنة. القاصمة كانت في ظهور مخترعات اتصالية حديثة قد سحبت البساط من تحت اقدام التلفزيون وغيره من الوسائل. إلاّ أن اللف والدوران ومعسول الكلام المضلل هو السائد للأسف حتى اليوم. (لا ريب) بأن قلبي على البسطاء الذين قد تنطلي عليهم اللعبة (إن صحّتْ التسمية) ويصدقون أولئك الخبثاء وسلامة عقولكم. •لندن