سراج بأعناق السواري*

في رثاء سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ محاريب ثكلى أم منابِرُ خُشَّعُ خلتْ بعدَهُ أَم مجلسٌ يَتَصَدَّعُ لعُمرٍ من التوحيد فقهاً ودعوةً لها حيثما كانت إلى الحق مرجعُ سِراجٌ بأَعناقِ السَّواري مُعَلَّقٌ مَقابيسُ نورٍ بالهدايةِ تسطَعُ فكم مُستظلٍ يستضيء بنورِهِ وكم ظُلمةٍ ديجورها يتَقَشَّعُ وكم سامعٍ محرابَهُ يبعثُ الشَّجى على بُحَّةٍ بين المحاني تُشَعشعُ سرى منه تَرتيلٌ عَتيقٌ مُحَبَّرٌ مزاميرُ نجوى أو رجاءٌ مُوَقَّعُ قلوبٌ له مفتوحةٌ حيثما مضى وروضٌ بمعراجِ الضلوع ومَربَعُ تضيق بأعناق البيانِ مسالكٌ فيلوي بها بين المضايقِ مَهيَعُ ويجمع أطراف الكلام تَواضُعًا ويُهدي الهُدى جودًا ولِلجودِ مَوضِعُ فللفَقدِ إنْ لم تبكِ دارٌ ومِنبرٌ (على الشَّيخِ فليبكِ المُحِبُّ المولَّعُ) (فيا حيُّ يا قيّومُ يا سامِعَ الدُّعا ويا من له كلُّ الخلائقِ تَضْرَعُ) تُجازي إلهي الشَّيخَ ما أنتَ أهلهُ وتسكنهُ الفردوسَ، عفوُكَ أوسَعُ فإن عبرة لم تشفِ ما بكَ بعدَهُ (فَهذا قَضاءُ اللهِ ما منهُ مَجزَعُ) تراجِيعُ موجوعٍ توالَتْ من البِلى ولهفَةُ مفجوعٍ وقلبٌ مُفجَّعُ تذكَّرتَ من دنياكَ بعض الذي بها وترجو لديها رجعَ ما ليس يَرجِعُ وليس الذي ترجوه منها بنافعٍ وصبرٌ على الأيام لو كان ينفعُ رأيتَ ظُعونَ الراحِلينَ تَحَمَّلوا وبابًا مضوا فيه إلى الغيبِ يُشرَعُ وإنْ تَغتَمِضْ عيناكَ ليلة غادروا فقد بات في جنبيكَ ظبيٌ مُرَوَّعُ سريعاً على فيضِ المنایا تمرها فمن قائمٍ يسقي وآخرُ يكرَعُ ترى العُمرَ مجرورًا على رأس بَكرةٍ فذاكَ صريرُ الوقتِ إنْ كنتَ تسمعُ وخلفكَ حادي الرَّكبِ يُزجي قِلاصَهُ ومَهما تَمَهَّلتَ النَّجائبُ تسرعُ تسير إلى الفقدِ الذي أنتَ تتقي متاعك محمولٌ وراءك يوضعُ وفي السير خسرانٌ ودربك موحشٌ وزادك لا يكفي إذا كنتَ تطمعُ وليس بشيءٍ من حياتك ضائعٌ ولا بعده مما ادخرتَ مضيَّعُ ولكن تزودْ، خيرُ زادٍ هو التقى صلاةٌ وتسبيحٌ إلى الله تشفعُ * الأبيات ما بين قوسين اقتباس من رثاء جدي الشيخ عبدالله بن عمر آل الشيخ في عمه الشيخ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ جد سماحة المفتي رحمهم الله جميعا.