شكل محطة مهمة في طريق الحج او العمرة او الاصطياف:

قصر الملك عبدالعزيز بالمويه.. تحفة فريدة على الطراز الإسلامي.

يعد قصر الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في محافظة المويه بالطائف تحفة معمارية فريدة، حيث يمتاز بطرازه الإسلامي الرفيع وتصاميمه الهندسية التي تحاكي الحقبة التي تم بناؤه فيها، إذ شيد القصر عام 1357هـ (1938م) بالحجارة على الطراز الإسلامي القديم وسط أطلال المنازل والبيوت الطينية. وخصص القصر لإقامة الملك المؤسس طيب الله ثراه، واستراحته في رحلاته بين الرياض ومكة المكرمة وفي طريقه للحج أو العمرة أو الاصطياف، حيث كان يستقبله لدى وصوله إلى المويه أميرها وقاضيها وأعيانها، ويجتمع إليهم الملك المؤسس ويحثهم على إنجاز معاملات المواطنين، كمثل باقي البلدات والمدن التي يمرها أو يزورها. وتبعد محافظة المويه عن الطائف بالاتجاه الشرقي مسافة 180 كيلومتراً، والمويه (تصغير لكلمة ماء)، وكانت من أهم المحطات الرئيسة التي عبرها الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - في سعيه لتوحيد المملكة العربية السعودية أثناء تنقله من منطقة نجد إلى الحجاز، ويوجد فيها آثار عدة مرتبطة بتلك الفترة مثل: قصر الملك عبدالعزيز، ومسجد الملك عبدالعزيز، والآبار القديمة التي بنيت كسبيل لوجه الله تعالى. وكان الملك المؤسس – طيب الله ثراه - يحرص فيها على الالتقاء بأبناء البادية في طريقه من نجد إلى مكة المكرمة، ويستمع لمطالبهم ويناقش همومهم ويتفقد أحوالهم، وهبطت فيها أول طائرة له - رحمه الله - خلال فترة بدء توحيد المملكة. من صحراء قاحلة لمدينة عصرية رصدت دارة الملك عبدالعزيز أطوال القصر الذي يتربع على مساحة تقدر بـ 14850 متراً مربعاً، والذي كان له الدور الأبرز في أن يحول تلك الصحراء القاحلة إلى مدينة عصرية تتوافر فيها سبل الحياة الكريمة. وكانت المويه قد شرُفت منذ أكثر من 85 عاماً، بتوقف الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في أولى زياراته عام 1360هـ للقصر الذي شُيِّدَ في عام 1357هـ، وعرف القصر أهم محطاته الرئيسة، عند قدوم الملك عبدالعزيز -رحمه الله- للحج أو العمرة أو الاصطياف أو الصيد، حيث كان يلتقي في القصر خلال زيارته السنوية بأبنائه المواطنين، ومن بعده ابنه الملك سعود ومحطة توقف أيضاً لوفود الدول والحجاج القادمين من مختلف أنحاء العالم. مرت مرحلة بناء القصر بست مراحل مختلفة، ففي المرحلة الأولى تم بناء القلعة كنواة أولى للقصر، على منطقة مرتفعة لكي تشرف على كل المساحات، ثم بنيت ثلاثة أبراج دفاعية دائرية في المرحلة الثانية، وكانت المرحلة الثالثة هي بناء أسوار بطول 440 متراً وهي على شكل مربع وكانت متباعدة عن القلعة وذلك لتوقع توسعات في المباني، وفي المرحلة الرابعة تم بناء القصر الملكي غرب القلعة بشكل مستطيل، وكذلك بناء قصر الإمارة السكني، وفي المرحلة الخامسة تم بناء الإمارة وفتح القلعة والقصر كلية على المويه ومحيطها، أما المرحلة السادسة فتم فيها بناء محطة الوقود وغرف الخدمة والصيانة. تأمين القصر بأبراج مراقبة وقلعتين ويؤمن القصر أبراج مراقبة وقلعتان من الجهة الشرقية والشمالية، ويتكون من سور في داخله فناء للمقصورة الملكية المبنية من الحجر والجص، بالإضافة إلى قاعات للتشريفات واستقبال الضيوف والزوار، ومقار أخرى للشخصيات البارزة والجهات الحكومية المرافقة. ويلحظ الزائر للقصر الشكل المستطيل الذي يقع في الجهة الغربية من القلعة، ويتكون من مدخلين؛ الأول الرئيس، ويحتوي على عدة وحدات سكنية وخدمية، ومجلس، وصالة طعام وغرف نوم ودورة مياه، وقصر للضيافة، ويشكل مجموعة من الغرف تطل على فناء مكشوف له مدخل رئيس من الجهة الشمالية، وجامع لأداء الصلوات، وأبراج عدة، وغرفة إعداد القهوة، وغرف مبيت، ومحطة وقود كانت تستخدم في تعبئة السيارات، وقصر آخر سكني يقع في منتصف القلعة وفيه ست غرف، أربع منها خصصت للمبيت، وللمعيشة والجلوس. أقسام القصر يتكون قصر الملك عبدالعزيز في المويه من الأقسام التالية: - القصر الملكي: وهو عبارة عن مبنى مستطيل يقع في الجهة الغربية من القلعة، ويتكون من مدخلين الأول الرئيس ويقع في الجهة الجنوبية، ويحتوي على عدة وحدات معمارية تضم 19 دكة على يسار الداخل من الباب الرئيس الشمالي والمجلس الرسمي «المختصر» وصالة الطعام وغرفة النوم ودورة مياه. - قصر الضيافة: وهو عبارة عن مبنى مستطيل يجاور القصر الملكي من الجهة الشرقية ويشكل مجموعة من الغرف تطل على فناء مكشوف له مدخل رئيس من الجهة الشمالية بعرض 3.4 أمتار. - قصر الإمارة السكني: وهو عبارة عن مبنى مستطيل الشكل يقع في منتصف القلعة على الضلع الجنوبي وفيه ست غرف، أربع منها خصصت للمبيت، وغرفة للمعيشة والجلوس، كما يحتوي على غرفة المطبخ وخزان ودورة مياه . - أبراج مراقبة: حيث توجد ستة أبراج اثنان منها تعلو البوابتين الشمالية والجنوبية، والأربعة الأخرى في أركان القلعة لتأمين الحراسة والدفاع عن القصر. وهناك مبانٍ ملحقة بها لسكن العاملين في القصر مع أسرهم، وكانت في بعض الأحيان تستغل لسكن الضيوف غير الرسميين. - محطة الوقود: تقع خارج الضلع الجنوبي من القلعة كانت تستخدم في تعبئة وقود السيارات بطريقة المضخة اليدوية، وبجوارها سكن عمال المحطة. - قصر الإمارة الإداري: وهو عبارة عن مبنى مستطيل يتكون من مدخلين الأول من الجهة الجنوبية، والثاني من الجهة الشرقية، بالإضافة إلى مدخلين آخرين الأول إلى المسجد والثاني يؤدي إلى قصر الإمارة السكني. - جامع متوسط الحجم يقع في الجهة الغربية من قصر الإمارة الإداري، ومجاور لسكن القاضي، ويحتوي على صحن مستطيل الشكل مكشوف وغير منتظم، وتبلغ أطواله من الغرب إلى الشرق 22م، ومن الشمال إلى الجنوب 19.90 مترا . - مكتب القاضي: يقع مكتب القاضي الذي يوجد في قصر الملك عبد العزيز في الجهة الشمالية من المسجد وهو مبنى مستطيل فيه ست غرف وصالة صغيرة وفناء وله خمسة مداخل. - مبنى يضم غرف سكن الضيوف والحراس والخدم ودورات المياه وغرفتي إعداد القهوة. - الواجهات: يبلغ متوسط طول الواجهتين الشمالية الغربية والجنوبية الشرقية 155 متراً، كما يبلغ متوسط طول الواجهتين الجنوبية الغربية والشمالية الشرقية 120 متراً، ويصل متوسط ارتفاع الواجهات 4.5 أمتار فوق منسوب سطح الماء، بينما تصل سماكة السور إلى 90 سنتيمتراً. ويتوسط الباب الرئيس للقصر الواجهة الشمالية الغربية، وقد أنشئ باب آخر في الواجهة الجنوبية الشرقية يعد مدخلاً للإمارة، وتوجد أربعة أبراج في الأركان كما يوجد اثنان أيضاً فوق البوابات. - حظائر الأغنام ومستودع الأعلاف والحطب، وتقع على الطرف الشرقي من فناء قصر الإمارة السكني. - بئران للسقيا داخل القصر تؤمنان الاحتياجات المائية لقاطنيه. - الآبار: وتسمى (كحلة) على بعد 700 متر من القصر، وعددها 17 بئراً. قصر ملكي فخم في منطقة نائية نقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن فؤاد شاكر في كتابه (رحلة الربيع) الذي طبعته دارة الملك عبدالعزيز في رحلة عودة الملك عبدالعزيز من مكة إلى الرياض عام 1365هـ: «من مكة إلى الرياض وصلنا إلى المويه، قرية صغيرة ولكنها كبيرة بما فيها من مظاهر العمران الفخمة الوثيرة، وذلك حسنة من حسنات هذا العهد السعودي الزاهر المشرق، فقد بنت حكومة جلالة الملك في ذلك المكان النائي المجهول قصراً ملكيّاً فخماً لاستراحة حضرة صاحب الجلالة أثناء تنقله بالسفر بين مكة والرياض». وأشارت الدارة إلى أن تصميم القصر بأشكال مختلفة مضمونها التحصين والدفاع، وانتهى بأشكال تخضع لضوابط هندسية مميزة محاطة بسور من جميع الجهات بنيت من الحجارة السوداء على ارتفاع 4.5 أمتار، وسمك 90 سنتيمتراً. وانتقلت الدارة إلى شمال شرقي قصر الملك عبدالعزيز ومدينة المويه القديمة، حيث يوجد مبنى المطار الذي هبطت فيه أول طائرة للمؤسس، وهو عبارة عن صالة للاستقبال مكونة من أربع غرف ومدرج رملي، بالإضافة إلى مسجد يقع في وسط المباني الطينية ما زال يسمى باسم الملك عبدالعزيز إلى هذا الوقت، كما لا يزال المسجد على بنائه الذي أمر به الملك عبدالعزيز، غير أنه أصابته عوامل الهدم وأصبح غير صالح لأن تقام الصلاة فيه بعد انتقال المويه إلى الموقع الذي يعرف حالياً بالمويه الجديدة على طريق الرياض الطائف السريع. وكان القصر قد خضع للترميم قبل سنوات من قبل الهيئة العامة للسياحة والآثار وذلك ضمن «برنامج تأهيل المباني التاريخية للدولة في عهد الملك عبدالعزيز»، كما أعلنت هيئة التراث في مطلع العام 2023 عن تسجيل القصر ضمن 41 موقعاً تراثياً عمرانياً جديداً بمحافظة الطائف في السجل الوطني للتراث العمراني، لتضاف إلى المواقع التراثية والتاريخية التي سجلتها الهيئة منذ تأسيسها، وذلك في إطار جهودها الحثيثة لاكتشاف المواقع التراثية والتاريخية بالمملكة وتوثيقها وتسجيلها وحفظها وصونها.