قل ماذا تريد، أقل لك من أنت.

أظن بأن الناس قد أصابهم الملل من سماع تلك المقولات الفلسفية التي تسعى لسبر أغوار مكنونات النفس وكشف شخصيات البشر. مرة يقولون قل لي ماذا تأكل أقل لك من أنت؟ وأخرى اتجهوا الى العقل “قل لي كيف تفكّر، أقل لك من أنت؟ وثالثة أكّدوا أهمية المظهر “قل لي ماذا تلبس أقل لك من أنت؟ ورابعة وخامسة وسادسة الى آخر تلك المحاولات للكشف عن الشخصية المتوارية. السؤال الذي قد يطرأ على الأذهان: هل شخصيات الناس بالفعل عصيّة على الفهم دون معرفة ماذا يأكلون أو يشربون، كيف يفكرون أو يلبسون؟ هل أنماط الشخصيات على اختلافها من الغموض لدرجة الحاجة الى اكتساب مهارة التفكيك وإعادة التركيب مثل لعبة (الليجو) حتى يمكن كشفها وبالتالي التعامل معها؟ هل كان يُشغل أجدادنا معرفة تلك الأنماط ويخشون من الإخفاق في التعامل معها أم يكفيهم معرفة (وش هو من لحية) وبعدها يتم التعامل بكل سهولة ويسر بسبب بساطة الحياة آنذاك تلك التي تقوم على التعاون والمساندة ووضوح القيم بجانب ندرة الغامض الماكر مما منحهم إحساسا بالثقة والأمان. بعيداً عن الجانب الفلسفي لمقولة (قل لي ماذا تريد أقل لك من أنت) أراها بكل بساطة وكأنها تجنح للقول أن الرغبات مرآة للنفس، والرغبات في شتى اشكالها (قد) تطغى على سلوك الفرد وتكشف توجهاته فالذي يسعى الى السُلطةِ على سبيل المثال تبرز في سلوكه نزعة الهيمنة واصدار الأوامر وهكذا. (لا ريب) في أن السعي نحو معرفة نمط شخصية الطرف المقابل يتيح سهولة التعامل معه، ولكن ليس في كل مرّة تسلم الجرّة، فتقمص الشخصيات (لعبة) أجادها ويجيدها بكل احتراف أرباب الحيلة، والمكر، والخديعة، وسلامتكم.