ها هو الرجل يعضّ الكلب.

الخبر الذي طيّرته وكالات الأنباء من الصين عن الرجل الذي عض الكلب حتى الموت هو الخبر مكتمل الأركان حسب المقولة الشهيرة (ليس الخبر في أن كلباً عض الرجل، بل الخبر في أن الرجل عض كلباً) ومع هذا قد يراه البعض ممن تستهويهم أخبار الحروب والكوارث خبرٌ لا يستحق النشر ما بالك بقراءته. دعونا نستحضر الحكاية من أولها لنرى هل بالفعل وكالات الأنباء مُحقّة في بثّه وتوزيعه ليتلقاه (ديسك التحرير) في الصحف الرصينة منها والأخرى الفضائحيّة فيحتار كبير المحررين فيها أينشرهُ على مسؤوليته أم يدسّه في درج النسيان ويا دار ما دخلك شرّ؟ الرجل الصيني بطل الحكاية الذي استيقظ من نومه على نباح كلابه الصغيرة حين هاجمها كلب شرس لم يكتفِ بطرد الكلب المُغير عل كلابه المُحببة الى قلبه وذلك برميه بالحجارة أو التلويح بعصا غليظة لعله يرعويّ، بل قفز عليه حين عانده وغرس أسنانه في رقبته حتى الموت. إذاً الحكاية تتمثل في دراما كرّ وفرّ بين كلب وصاحب كلاب، لكن ما يعنينا منها كورّاقين ليس غرابتها، بل الشعور بالارتياح أن قرأنا أخيراً عن تحقق اشتراطات الخبر المُثير. السؤال الذي قد يدور في الأذهان: هل يُعتبر خبر الرجل الذي عضّ الكلب هُنا ملفتاً للنظر في مقاييس منصات الاعلام الرقمي الذي أزاح الاعلام التقليدي العتيد عن اهتمامات جيل (z) وخصوصا منصّة (X) الشهيرة التي أتاحت مساحاتها لقول ونشر ما يٌصدّق وما قد يصعب تصديقه؟ ربما. ما علينا، دعونا إذاً نتفق على أن الخبر إياه حدث شاذ وغير متوقع مما أدى الى استحقاقه للنشر بسبب كسره تقليدية المألوف وبالتالي جذب القرّاء وكاتب هذه السطور أحدهم. (لا ريب) في أن ليس كل ما يحدث بهذا الكون يُعد خبراً يستحق الطرح والتداول وإنما ما يُدهش ويكسر النسق السائد هو الذي يفرض نفسه على ديسك الأخبار وبالتالي يدعو لنشره وسلامتكم.