
في مساء استثنائي من مساءات الشعر، استضافت خيمة المتنبي بالأحساء رئيس بيت الشعر بالشارقة الشاعر الإماراتي محمد عبدالله البريكي، في أمسية شعرية أقيمت له مساء يوم السبت، الموافق 30 أغسطس 2025م. افتتح الأمسية رئيس خيمة المتنبي الشاعر الكبير جاسم الصحيح مرحِّبًا بضيف الأحساء الكبير وبالحضور الكريم، معرفا بالضيف كينبوع شعري قادم من الإمارات، معرّجا على أهم محطات سيرته الأدبية والإعلامية. تضمنت الأمسية إلقاءَ نصوص شعرية مميزة، بدأها بنص في تحية الأحساء وخيمة المتنبي ، نختار منه: قُبَيْلَ صلاةِ الضوءِ كانَت حقييتي تحثُّ خُطاها للضِّيا خِلْسَةً قبْلي فقلتُ لها: إنَّ المجرّةَ إصبَعي تطوفُ بيَ الصحراءَ أو قريةَ النّمْلِ ولي من جنونِ الشوقِ علمٌ يُقِلُّني عن الجهلِ بالأفلاكِ أو عن مدى جَهْلي ففي الرحْلِ أصدافُ القصائدِ ودّعَتْ هريرةَ، لكنْ لمْ أُودِّعْ بها رَحْلي سوى دمعةٍ من عينِ أمّي تزفُّني بدعوتِها، فالأمُّ تقوى على حَمْلي أنا من جعلتُ الأرضَ مقهى تزورُهُ فناجينُ أفكاري وتبذلُ من دَخْلي فيا نادلي.. هذي مطايايَ لوّحَتْ لذلكَ شكّلْتُ الرمالَ على شكْلي ملامحُنا منّا وصحراؤُنا غدت جلوداً لنا، والفضْلْ ينحازُ للفضْلِ تعلّقتُ بالصحراءِ مُنذُ “قِفا” كما تعلَّقَتِ الأحْساءُ بالنَّخْلِ والرَّمْلِ وتوالت النصوص الجميلة على امتداد الأمسية، كما تضمنت الأمسية حواراً شائقًا مع البريكي حول مسيرته وتجربته الشعرية، مستعرضا بعض الدراسات النقدية التي تناولت تجربته الشعرية الفريدة، وكذلك حول فكرة (بيوت الشعر) في الوطن العربي، وملتقيات الشعر في أفريقيا، واكتشاف المواهب الشعرية المغمورة. كل هذه المحاور وغيرها، إضافة لبعص أسئلة ومداخلات الحضور التي أضفت على الأمسية طابعاً فريداً، فقد حظيت الأمسية بمداخلة: د. يوسف الجبر، د. سعد الناجم، الشاعر عبدالمجيد الموسوي، الشاعرة تهاني الصبيح، الشاعر هاني الحسن، الكاتب أمير بوخمسين، الإعلامي سامي الجاسم، الكاتب والباحث الشيخ علي عساكر. وقد حظيت الأمسية بحضور حافل من نخبة من الشعراء والأدباء، الذين توافدوا للاستمتاع بجمال القصائد وعمق الحوار. تفاعل الجمهور بحماس كبير مع ما قدمه البريكي من قصائد متنوعة، عكست قوة المعنى وجمال الصورة، وتنوعت القصائد في مضامينها بين الذاتية والإنسانية والتأملية وقصائد الحب. ومن قصائد الأمسية التي نالت احتفاء الجمهور “ قصيدة في الطريق إلى عرفة “ نختار منها : كَمَنْ يجوعُ ولا يلقى سوى حَشَفَةْ يلوذُ بالصَّخْرِ لكنْ لَمْ يَبِعْ شَرَفَهْ مضى بِهِ الليلُ.. لا يدري بِهِ أحَدٌ ودمْعُهُ رُغْمَ طولِ الليلِ ما عَرَفَهْ وكانَ بينَ صباحٍ مُظْلِمٍ غَدُهُ وبينَ ليلِ الرجا مُسْتَوْطِناً أسَفَهْ يُقَدِّمُ الحِبْرَ للأوراقِ منْفَعَةً لكي يَخُطَّ عليها فكرةَ الأنَفَةْ وَهَيّأَ الجَوَّ والأفكارَ ثُمَّ بدا يُكاشِفُ الوقْتَ لكِنْ غابَ ما كَشَفَهْ وقالَ: رُبَّ ظلامٍ ينجلي بِضِيا كَيْ يَتْرُكَ الجائعُ المهمومُ مُعْتَكَفَهْ وفي الختام، كرمت خيمة المتنبي الشاعر البريكي بدرعٍ تكريمي تقديراً لمسيرته الشعرية الحافلة ومشاركته المميزة، وأهديت له لوحة بورتريه بريشة الشاعر الفنان إبراهيم الحاجي، ومجموعة من إصدارات خيمة المتنبي الشعريٌة، وهذا تكريم للأستاذ محمد البريكي على نشاطه وإثرائه للمشهد الثقافي والأدبي الخليجي والعربي.