تصحيح مفهوم الرجولة عند المراهقين.

«أنا رجّال».. عبارة يرددها كثيرٌ من المراهقين على مسامع والديهم عندما يحتد النقاش فيما بينهم. «أنا رجّال» يقولها المراهق دفاعاً عن النفس وحماية لها من النقد والتوجيه؛ بحجّة أنه يعرف ويفهم، وقد أصبح في عداد الرجال، وينبغي أن تتغيّر نظرة الوالدين إليه. ذلك أن المراهق يعتقد أن الرجولة مظهر خارجي (يتلخّص في الشنب واللحية والقامة المديدة) متناسياً أو قد بغيب عنه معنى الرجولة الحقيقية؛ ماهي وما متطلباتها؛ ما الرجولة الحقّة؟ من الطبيعي أن يختلف مفهوم الرجولة من شخص لآخر، ولكن في نظر المراهقين، غالبًا ما ترتبط الرجولة بالصفات والسلوكيات التي تعكس: القوة، الشجاعة، والاستقلالية. وهنا سنقترب، قليلاً، من معالم الرجولة من أجل أن تتشكّل صورة صحيحة لها في ذهن المراهق؛ فيتعرف على أبعادها المحقِّقة لها: ** الاستقلالية والاعتماد على النفس: - القدرة على اتخاذ القرارات. - الاعتماد على النفس في حل المشاكل. وهنا نقصد بالاستقلالية قدرة المراهق على إدارة حياته دون الاعتماد الكلي على الوالدين، وهذا لا يعني إلغاء دور الوالدين في التوجيه وتوفير الحماية. ** القدرة على التحمل والصبر: - القدرة على تحمّل الضغوطات والتحديات. - الصبر في مواجهة الصعوبات. هذا يعني الوعي بأن الحياة ليست سهلة، فالمولى عزّ وجلّ خاطب البشر بقوله تعالى:(وخلقنا الإنسان في كبد).. خلق الإنسان في حالةٍ من المشقّة والتعب، فهو يواجه تحديات وصعوبات في حياته منذ ولادته وحتى وفاته. فهل المراهق في عمره الصغير الغضّ (وإن كان بشنب ولحية وقامة مديدة) جاهز تماما لتلك الصعوبات والمشاقّ، ويستطيع أن يتحمّلها وحده. بصراحة ومن باب مطالعة الواقع؛ من المبكر أن نصادق على الجاهزية وعلى الاستطاعة. ** الاحترام والمسؤولية: - احترام الآخرين واحترام آرائهم. - تحمل المسؤولية عن الأفعال والقرارات. وهنا ننحدث عن لُبِّ الرجولة باحتياجها إلى نضجٍ عالٍ جداً، فيما المراهق بمرحلته العمرية تلك ، لم يكتمل له النضج العقلي ولا النفسي ولا العاطفي ولا الاجتماعي. المراهق في طريقه وبالتدرّج إلى ذلك النضج الذي يقع في مرحلة عمرية تالية تزيده خبرة ومعرفة ونضوجاً. الأمر الذي يجعل المراهق في حاجة إلى الدعم والتوجيه والخبرة الحياتية الوالدية لأيصاله إلى مرفأ النضج بثقة وسلام وتمكُّن. ** التفاعل الإيجابي مع الآخرين: - التفاعل بطرق إيجابية مع الأصدقاء والعائلة. - بناء علاقات صحية ومستدامة. التفاعل مع الآخرين يتطلّب أمرين مهمّين هما: الوعي والإدراك. فالوعي بمعنى العلاقة الصحيحة وإدراك تفاصيلها تجعل المراهق في الموقف الصحيح. في كل يوم يقابل المراهق أشخاصاً ويتعرّف على آخرين، فعليه أن يعي معنى العلاقة والصداقة وحدودها، ومن هم الذين يمكن أن يصادقهم، وكيف تُبنى تلك العلاقة باستدامه سليمة وناضجة. على المراهق إلّا ينخدع بالمظاهر، وألّا ينبهر بها. عليه أن يسبر غور الشخص الذي يتعامل معه أو بصدد أن يعقد معه صداقة. وهذا يقتضي فهمَ أمورٍ كثيرة بالحياة، والوالدان خير معين في ذلك. ** تأثير المجتمع والثقافة السائدة : - التأثيرات الثقافية: يمكن أن تتأثر مفاهيم الرجولة بالثقافة والمجتمع. إن ثقافة المجتمع تشكل معنى الرجولة الصحيحة. تتقبّل من يتوافق معها وترفض ما قد يشذ عنها وما لا تعدّه جزءاً منها. وهنا على المراهق أن يكون قريباً من والديه ليتشرّب المعاني العميقة للرجولة في ثقافة مجتمعه الذي يعيش فيه، وكيف يتصرّف وفق تلك المعاني. - النماذج الإيجابية: وجود نماذج إيجابية للرجولة يمكن أن يؤثر على كيفية رؤية المراهقين للرجولة. ولوصول المراهق إلى تلك المرحلة العليا من الرجولة عليه الاقتداء بمن سبقه ومن المعدودين في مجتمعه بالسمت الرجولي؛ يتعرف على صفاتهم وسلوكهم وتصرفاتهم. الأمر الذي جعلهم قدوة ومثالاً. وهل هناك أفضل من الابتداء بالوالدين والاقتداء بهم؟ وفي الختام، هذه بعض النصائح لأبنائنا المراهقين: - كن صادقًا مع نفسك في تقييم ما تعنيه الرجولة لك. - ابحث عن نماذج إيجابية للرجولة في حياتك. - اعملْ على تطوير نفسك وتحسين مهاراتك. - إصغِ جيداً إلى ما يقوله لك الوالدان. فهما أقرب الناس إليك وأكثرهم إخلاصاً لك بالنصيحة.