
عرفت الأستاذ عبدالرحمن بن إسماعيل الدرعان خلال الملتقيات الثقافية: المهرجان الوطني للتراث والثقافة، والأندية الأدبية، وجمعية الثقافة والفنون، و غيرها. وكان أول لقاء معه بالرياض عام 1421هـ/ 2000م على هامش المهرجان الوطني، وبعده بسنتين حضرت له محاضرة بجمعية الثقافة والفنون بالرياض، ولقاءات جانبية في منازل بعض الأصدقاء.. تعمقت العلاقة به لسهولته وبساطته ووضوحه مع قلة كلامه. تبادلنا بواكير أعمالنا. قدمت له (بدايات) فأهداني مشكوراً عمله الثاني (رائحة الطفولة) وكتب: ((الأستاذ محمد القشعمي..تحية لقلمك المتوهج بالإبداع والكتابة. عبدالرحمن الدرعان 23/1/1422هـ)) في طبعتها الأولى. مجموعة قصصية، من مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية ط1، 1421هـ/ 2000م. كان وقتها يكتب بجريدة عكاظ اسبوعياً فكتب تحت عنوان (الرأي الثقافي.. وجوه مأهولة بالألق) بالعدد 12703 الخميس 15/3/1422هـ، 7/6/ 2001م. مما قاله: ((.. عندما قابلته فيما بعد.. قابلت طفلاً في الستين هو من التواضع والخفة بحيث يمكنك أنت الجالس إلى جواره أن ترفع عقيرتك بموال لعبد الحليم حافظ.. ثم هناك اللفتات البكر، والروح اليقظة التي مر بها.. وفي بدايات تقرأ سيرة أجيال وعلى الصفحة الخامسة منه يكتب أبو يعرب بشجاعة وتلقائية وألم، إلى ذكرى الصديق عبدالعزيز مشري الذي دفعني للكتابة وتابعها في بداياتها، حيث اختار عنوان هذه الإضمامة (بدايات) ورحل عنا قبل أن يرى هذا العمل النور. أبا يعرب.. أيتها الوردة التي أفاقت فجأة بعد ستين ربيعاً..)) عبدالرحمن الدرعان. عند زيارته للرياض دعوته لزيارة مكتبة الملك فهد الوطنية- حيث أعمل- وسجلت معه ضمن برنامج التاريخ الشفوي، وتم ذلك يوم الخميس 28/3/1432هـ 2001م. وعلى مدى ساعة ونصف روى أهم محطات حياته، الطفولة والتعليم حتى الثانوية بالجوف، والتحاقه بجامعة الملك سعود بالرياض ثم انتقل لكلية المعلمين بالجوف، وعمله مدرس بالمدارس الرسمية والأهلية، وتحدث عن النشاطات الطلابية، وعن تأسيس النادي الأدبي بالجوف ورئاسته له، ثم انتقال عمله إلى مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية، ودور المؤسسة في جوائز التفوق العلمي، والبعثات للخارج، ودوره الثقافي، ومؤلفاته. ترجم له الدكتور صالح المحمود بـ (قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية) ج1، ط1، 2013، دارة الملك عبدالعزيز. قال عنه: (( قاص، وكاتب، وتربوي، ولد بسكاكا بمنطقة الجوف.. تخرج من كلية المعلمين سنة 1404هـ ليعمل فور تخرجه معلماً في المرحلة الابتدائية.. تدرج الدرعان في الوظائف التعليمية والتربوية، فعمل معلماً، ثم مرشداً طلابياً، ثم مشرفاً للنشاط الأدبي في الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة الجوف، ثم مديراً لمدارس الرحمانية الأهلية التابعة لمؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية، ثم مديراً لإدارة الثقافة والمكتبات، ثم مساعداً للمدير العام لمؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية. كما شغل الدرعان منصب رئيس النادي الأدبي بالجوف إثر التشكيل الجديد للأندية الأدبية في المملكة وبقي فيه سنتين (1427- 1429هـ) ثم قدم استقالته بعد ذلك. كتب الدرعان القصة القصيرة والمقالة الصحفية، كما أن له رواية مخطوطة لم تنشر بعد، وقد أصدر مجموعتين قصصيتين، هما: (نصوص الطين) في عام 1989م و(رائحة الطفولة) في عام 2001م. تتميز نصوص الدرعان القصصية بأبعادها الحضارية المتماسة مع المجتمع، والمنطلقة من البيئة المحلية، كما أن لغته عالية، وبناء نصوصه متماسكة. وأسهم الدرعان في الكتابة الصحفية إذ كتب زاوية (رذاذ) في صحيفة البلاد، وزاوية (جهة الريح) في صحيفة عكاظ، كما شارك في عدد من الأمسيات القصصية في محاضن ثقافية متعددة كالنادي الأدبي في الرياض، ونادي القصة السعودي، والنادي الأدبي الثقافي في جدة، والنادي الأدبي بحائل، ومؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية، وفرع جمعية الثقافة والفنون بالأحساء)) ص533. - ترجم له في (دليل الكتاب والكاتبات) بجمعية الثقافة والفنون بالرياض، ط3، 1995م. - واختار له الأستاذ خالد أحمد اليوسف في (مئة قصة قصيرة من السعودية) ط1، 2022م قصة (شامة سوداء) ص142-148. - وترجم له اليوسف في ( انطولوجيا القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية) ط1، 2009م واختار له قصة (سفيرة الأموات). ص384-386. - وضمن اصدار وزارة الثقافة والإعلام (أصوات قصصية.. مختارات من القصة القصيرة السعودية) ط1، 1422هـ اختير له من القصص (ذاكرة مثخنة بالدم) ص233-235. وقصة (شمس مبكرة) ص236-239. و(لوليتا) ص240-242. - بعد وفاة الدكتور عبدالرحمن الشبيلي، صدر العدد 65 من مجلة الجوبة وخصص جزءاً لرثائه وممن كتب عنه الأستاذ الدرعان تحت عنوان: (نقش على شاهدة) قدم له بقوله: (( منذ تأسيس نواته الأولى المتمثلة في مكتبة الثقافة العامة بالجوف في منتصف الثمانينيات الهجرية كان وما يزال مركز عبدالرحمن السديري الثقافي اشبه بينبوع تأوي إليه الطيور من كل جهات الوطن، وكان من حسن حظي أن عملت في هذا المركز، ما هيأ لي فرصة الإلتقاء بعدد من الشخصيات الثقافية الفاعلة، وكان أحد هؤلاء المرحوم الدكتور عبدالرحمن الشبيلي الذي جمعتني به مناسبات عديدة، فضلاً عن مشاركتي مع نخبة من الباحثين والكتاب في كتابة فصل من كتاب (عبدالرحمن السديري فصل من تاريخ وطن وسيرة رجال) الذي عكف رحم الله على تحريره، وخلال تلك الفترة كنا نتواصل باستمرار فآناً نجتمع في منزله بالرياض، وآناً آخر نكتفي بالتواصل الهاتفي، وكانت مثابرته وجهوده ومتابعته الدؤوبة سبباً في نجاح الكتاب وإنجازه في الوقت المناسب وفقاً للخطة المقررة منذ البدء حتى الختام، بيد إن العلاقة الشخصية بيننا امتدت وتوثقت فيما بعد.. الخ)). - وعندما طرحت مجلة الجوبة ملف العدد 36 (القصة القصيرة في المملكة) صيف 1433هـ كان أول المشاركين ص20-22، ومما قاله في العناوين: لا يختلف اثنان على انحسار القصة القصيرة إزاء الرواية. الرهان الحقيقي يكمن في درجة الإخلاص للفن أياً كان نسبه. الفن الحقيقي له كل الأزمنة. الشخصية العريبة خاضعة لسطوة الذهنية الواحدية التي لا ترى إلا بعداً واحداً، استيعاب كل الأشكال التعبيرية لا يحتاج لصراع يقوض شكل ما لحساب آخر. المقولات التي تريد القبض على التاريخ واحتكاره على فن الرواية مثلاً إنما تراهن في الوقت ذاته على موت الرواية. القصة القصيرة كانت الفن الأقل حظاً، لقصر عمرها في مقابل الشعر. بنات الرياض، نساء المنكر، لا يوجد مصور في عنيزة، يوميات خادمة في الخليج، شباب الرياض، عناوين يمكن استساغتها كتحقيقات صحفية)). - خصصت مجلة الجوبة في العدد 49 خريف عام 1437هـ/ 2015م محوراً خاصاً بعنوان: تجربة عبدالرحمن الدرعان بين (نصوص الطين) و(رائحة الطفولة)، إعداد: محمود الرمحي وتركية العمري.. شارك بالملف الأساتذة: عيسى الألمعي، أسماء الزهراني، جبير المليحان، خالد اليوسف، تركية العمري، هويداء صالح، إبراهيم الحجري، إبراهيم الكراوي، عمر بوقاسم. ومما قالته تركية العمري: ((.. أيها المتدثر بالصمت.. إنني أومن بأنك لو خلعت عباءة نرجسية صمتك، وفتحت عطور الصبايا، لانطلقت حكاياتهن الندية، وسكتت الريح، واخترقت ينابيع ماء وجه الصحراء المتشقق، ويمم العشاق صبابة خطاهم نحو ضفة من شمال لا تغني إلا للحب (...) أيها المدثر بليل الغياب، قم واكتب لنا حكايات وملاحم عشق لتثير فينا مواسم الحياة، وتحرضنا على إشعال شموع وجدنا كل مساء، وتجعلنا نلتصق بأغنية الفيروز (حبيتك تنسيت النوم) لننسى النوم. أيها المدثر بالريح.. قم وأمطرنا غيث لغتك الفاتنة، وعبّ لنا من حقولك اليانعة، سلال قصائد، وخجل قبل وضع في أيدينا باقات اشتياق وفرح، لنزداد يقيناً نحن النساء بوجود حب يدلل مساءات شرائط ليلكنا..)). - وعن ذكريات طفولته ومعرفته بالمكتبة الثقافية قال في مجلة الجوبة خريف عام 1427هـ يرثي فيها الأمير عبدالرحمن السديري، قال فيها عن (دار الجوف للعلوم) التي وضع لبناتها الأولى في الثمانينيات الهجرية، وهي عبارة عن مكتبة صغيرة تعهدها برعايته حتى أصبحت مؤسسة ثقافية فريدة، قال: (( لحسن حظي أنني في تلك الفترة، كنت أرافق عمي الذي كان يعمل آنذاك أميناً لمكتبة الثقافة، حيث هناك وقف الطفل الذي كنت مأهولاً بالدهشة بإزاء عالم من كتب وروايات وقصص ودواوين شعر، ومجلات وجرائد، لم ولن يكون من اليسير الوصول إليها، وكانت الساعة تمضي كما لو كنت أقوم بنزهة فاتنة، تعرفت فيها على الآلاف من العوالم التي هدمت مساحات كبيرة من الفراغ في داخلي، وشيدت مكانها كوناً هائلاً يضج بالحياة (...) كان عمي يدربني على أعمال المكتبة، وكنت أتغافله وأنحني كخياط مبتدئ أمام الآلة الكاتبة المدهشة (...) من أجمل المفارقات أن ضيفاً جميلاً لا يني اسمه يتجدد كوشم أخضر هو (بندر السهيان) على الرغم من أنه كان أمياً وبسيطاً، كان يزور المكتبة بشكل مستمر، ويطلب إلي أن أقرأ له قصائد شعر وإن تعجبه قصيدة ما، أقرأ في عينيه أمنية صغيرة ابادره، هل أكتبها لك؟ فيزهر حقل الفل المنثور على حواف ذقنه: إي والله يا ابن أخي!! ذلك الرجل الأمي الذي تعلمت على يديه الكثير وحفظت دواوين لا حصر لها آن ذاك كلما فتحت الآن كتاباً سمعت حفيف خطواته على حواف الغلاف، وصوته الأخضر يمر بأوقاتي كعيدان النعناع..)).