على ملامح المُنهكين.

عندما يصبح اليوم توأم أمسه ، والغد نسخة لما بعده وفي داخل كل يوم أسرار تأبى النطق ، وكلام ملجمٌ بالخرس ، وأحاديث عُقد على ألسنتها . صمتُها يضج ألماً ،وهدوئها يصرخ تأملاً . حينها وعلى ملامح المُنْهكين يجفُ الحوار ، وتتبعثر الأسئلة وتتشتّتُ الإجابات . فليس ثمَّة شيء يوحي ببصيص ضوء ولا بجذوة نور ؛ تتهادى لها مجاهر استفساراتنا ( عدا ) قراءة نستشفها فقط على ملامح  المُنهكين ؛ تصور ماتركه تشابه الأيام على تقاسيمهم المجهدة . وخواطرهم المنكسرة . حتى لم تعد المواقف الحياتية المتكررة  تُصِبهم   في مقتل، بل تقذف بهم في عداد المنهكين . لا تجدّد فيهم طعنات الملل ، بل تغرس داخلهم رماح التضجر . أصبح تماثل وتطابق برنامجهم الحياتي وجدولهم الزمني وحلٌ لا يكبل سعادتهم  فحسب ، بل يجعلهم أسرى في سجن المزاجية . لا شك أن المكوث في منطقة المواقف الواحدة ، ثم الاستسلام التام في زاوية الروتين القاتل يتسبب في ضعف إداراك الأشياء الرائعة التي تحيط بهم ، ولو كانت ( مقرط بصر ) . يذكر عن تشابه الأيام (  باولو كويلو ) قائلا : “ إذا تشابهت الأيام، فذلك يعني أن الناس قد توقفوا عن إدراك الأشياء الجميلة” . هذا يعني أن التشابه قد يكون مؤشرًا على غياب الوعي بالتفاصيل الدقيقة واللحظات السعيدة التي تحدث كل يوم ، بل كل لحظة .