ليس الطريق إلى الجامعة هو الخيار الوحيد.

“حين نجعل الجامعة قدرًا وحيدًا، نخسر آلاف المواهب التي خُلقت لتبدع في غيرها.” لطالما ارتبطت صورة الطالب في أذهان المجتمع المحلي بالذهاب إلى الجامعة، وكأن التعليم كله يُبنى على هذا المصير الوحيد، بينما الحقيقة أن العصر تغيّر… والمعارف تنوّعت… والمسارات تفرعت. في رؤية المملكة 2030م، لم يعد الهدف أن يدخل كل طالب إلى الجامعة، بل أن يجد كل طالب طريقه نحو التميز والإنتاج والمواطنة المؤثرة سواء في الجامعة، أو في ريادة الأعمال، أو في التخصصات التقنية، أو في الحرف الابتكارية، أو حتى في العمل التطوعي المؤسسي. واقعنا اليوم لم يعد الانتقال من الثانوية إلى الجامعة سلمًا واحدًا، وإنما جسرًا تتفرع منه اختيارات ذكية تبني على مهارات الطالب، وميوله، واستعداداته الشخصية والمهنية. وهنا تبرز الحاجة إلى أن تُصبح المرحلة الثانوية مرحلة تأهيل شاملة، لا مجرد عبور للقدرات والتحصيلي. فما الفائدة من مناهج متقدمة لا تكشف للطـالب قدراته الحقيقية، ولا تساعده على تصور واقعي لمستقبله؟ ، وما جدوى الأنشطة المدرسية إذا لم تحوّل الطالب من مستهلك للمعرفة إلى مبادر في إنتاجها أو توظيفها؟ المرحلة القادمة – كما وعدت وزارة التعليم – يجب ألا تُقاس بمقدار عدد الدروس التي يتلقاها الطالب، بل بمدى تحريره من نمطية الطريق الواحد، ومدى قدرة المنهج على: إكساب الطالب مهارات السوق والابتكار والتقنية وتعريفه بمنظومة التخصصات التقنية والمهنية الجديدة وتدريبـه على أدوات الاختيار الذاتي لمساره بعد الثانوي وأخيراً ربط المقررات بفرص ريادة الأعمال، والمؤهلات العالمية، والعمل عن بعد. فليست الجامعة نهاية الحكاية، وليست دائمًا الخيار الأنسب، وإنما أحيانًا تُصبح قيدًا لطالب كان يمكن أن يُبدع في مسار آخر لو أُتيح له الاكتشاف مبكرًا. طالب اليوم يجب أن يكون منافسًا عالميًا؛ وذلك لا يحدث إلا إذا أُعطي الحق في أن يعرف نفسه، ويكتشف مهاراته، ويُبنى منهجه على الاختيار، لا الإلزام. نحن لا نُقصي الجامعة، ولكنها خيارًا من بين خيارات عدة... وحين ننجح في ذلك… نكون قد اخترنا للطالب مستقبله... *معلم وباحث دكتوراه