أصدقاءُ الأمس.

ليس من الضرورة بحال أن يكون “ أصدقاء الأمس” بشراً من بني جنسنا نعتب عليهم حال غيابهم ، ونشتاقهم حين وجودهم كما جرى الاعتقاد ، وتواتر الظن . أشياء كثيرة من حولنا ترتبطُ بصداقات الأمس . الأماكن التي تركنا فيها “ بساطنا “ و” انبساطنا “ “ ملامحنا “ و “ ملاحمنا ،” صورنا “ و “ تصوراتنا ، “ آمالنا “ و “ آلامنا “ هي ضمن صداقات الأمس . الطرقات التي “ حملتْ “ و “ تحمَّلتْ “ خطواتنا ، وأقلَّتْ أقدامنا بين ذهاب وعودة لازالت هي الأخرى تحتفظ بشيء من صداقات الأمس ، وإن لم يبقَ منها سوى رسوم اختطَّتها خطواتنا ، وحفرتها أقدامنا . الأيام التي “ أشرقت “ و “ وأشرفت “ على أول أيام الصبا ونحن أقصى أمانينا ملعب وكرة ومرمى من حجرين ؛ يستقبل أهدافنا البريئة التي دخلت بعد ذلك في حسابات صداقات الأمس . المجلة والجريدة كذلك هي من أصدقاء الأمس الجميل والتي كنا في أمس الشوق إليها . ننتظرها انتظار العشاق ، حتى إذا ما تزينت بها واجهة المكتبات ، ومحلات التسوق أصبحنا أكثر تلهفا لمعانقتها وامتلاكها . المواقف التي “ علَّمتنا “ و” وعاملتنا “ كأصحاب تجربة ، ورفقاء معرفة ، نجدها برغم قسوتها ، ومُر تجربتها - الأولى - ضمن سلسلة تلك الصداقات التي نتذكرها في النهاية . صداقات الأمس ليست مجرد ذكرى عابرة ، بل صور حيّة تكبر معنا . نعيد تقليبها ، ونعاود تقبيلها بفم شاكر ، ونبض ذاكر .